مـن أرشـيـف الـذكـريـات

قـصة تـكـاد لا تصدق ولا تـعـقـل وكـأنـهـا مـن نـسـج الـخـيـال لكـنهـا حـدثـت بالـفـعـل, كــيـف؟ هـذا السـؤال لـم يـجـد لـه أبـطـالـهـا إجـابـة.
كـان هـذا في ربـيـع 1973م بـدأت درجـة الـحـرارة تـرتـفـع رويـدا رويـدا وقـليـلا مـا نـسـتـعـمـل الملابس الشـتـويـة أو حـتى المظـله.

صديـقي وليـد سوري الجنسيه تـعـرفـت عـليـه قـبـل ثـلاث سـنـوات أي مـنـذ اليـوم الأول للدراسـه, يــعـيش مـع عـائـلـتـه. سرعـان مـا طـلب مـنـي أن أرافقـه للتـعـرف على الـعـائـلة بنـاء على طـلب والـدتـه طـيـب الله ثـراهـا.

كـانـت المـرحـومـة طيبـة الـقـلب وغـالبا مـا تطـلب مـن وليـد أن يـصحبني مـعـه بـعـد المـحـاضـرات لتـنـاول الـغـذاء أو العـشـاء.

تـوطـدت صـداقـتنا مـع أن كثيرا مـن النـكـات تقال عن بخل الـسوريـيـن  إلا أن خبرتي بهـم عـكس ذلك.
فصاحبي وعـائـلتـه كـانـوا في غاية الكرم  وكـانت المـرحـومـة أمـه أسـكـنـهـا الله وجمـيع أمـواتـنـا وشهـدائـنـا جـنـات الـنـعـيم؛ كـانـت تـطـلـب مـن صديقي أن يـتـصـل بـي أو يـحـضـرنـي مـعـه بـعـد انـتـهـاب  المـحـاضـرات لـتـنـاول طـعـام الغـذاء أو حـتى العشـاء, امـرأة رأيت فـيـهـا أمـي البـعـيـدة وعـلاقـتـي مـع أبنـائهـا ما زالت حميمة حتـى اللـحـظـة عـلمـا بـأن كـل مـنـا يـعـيش فـي بـلد والمـسـافـة بـيـنـنـا ليست هـينـة وظـروف العـمـل أو العائلية تحـول احـيـانـا مـن اللقـاء ولـكنـنـا نـتحـادث  باسـتـمـرار ونـضـحـك كثـيـرا ونــتـلاقـى كـلمـا سـنـحـت الظـروف.
أعتدنا قبل نهاية كل فصل أن نجلس سويا ، نراجع ونـقـلب في الكـراريس ونصـطـنع الأسئلة ونـبحـث عـن الإجابة الصحـيحة وغالبا ما كانت تكهناتنا تأتي ثمارها ليس لأننا نضرب المندل وأنما من الخبرة التي اكتسبناها وطريقة الأساتـذة في إلقاء المحاضرات وبالأخص عندما كان يشدد أحـدهـم على مـوضـوع مـعـيـن ويعيد المحاضرة مرة أخرى.

كـان أمامنا عـطـلة الأسبوع قبل بدء الامتحانات فـدعـاني وليـد  لـتـناول العـشـاء حـتـى  نبدأ المراجعة.

في المساء كنت أقـف أمـام الباب شكرت أم أحـمـد على العـزومـه لأنني كـنـت أحـتـرمـهـا وأرى فـيـها والـدتي التى لا أراهـا إلا مـن فـتـرة لأخـرى وخـاصـه عـندمـا تـبـدأ تـزغـطـني أتـذكـروالدتي طـيب الله ثـراهـا عـنـدمـا كـنـت طفـلا وأجـلس جـوارهـا وتـطـعـمـنـي بـيـدهـا وها هي أم حـمـد  تـقـول كـول يـا خـالـتي والله أنـك تـصعـب عـلي, لا أم ولا أب ولا أخـت يــأخـذون بـالهـم منـك, أعـتـبـرنـا عـائـلتـك والـبـيـت بـيـتـك وبالله عليك أن تـزورنا بـأستـمـرار ألا  يـعجبـك أكـلنـا. أرد عليها بالسوري وأقول خالتي أم أحمد والله مقـامـك عـندي زي امي, وأكلك بيشهي ما في منه, وهيني بأجي حسب وقتي وما بدي عزومه, يله شو بدك تأكلينا اليوم من اديـكي الحلوين.

يله يـا بـنـات حـضـروا الـصفـره وهـاتـوا الأكـل.  لحظات وتفتح الحـلل  ويخرج البخار بـرائحته العبقـه ويكفي ان تشمـهـا حـتى تـفـتـح الشـهـيـة. الله على ورق الـعـنـب والـكـوسـه المـحـشـيه, وأم

أحمدالطـيبة طيب الله وامواتنا جميعا ثراهم وادخلهم فسيح جناته. خـذ هـاي مـن أيـد خـالـتـه هـذا بـيتـك وأنـت زي أولادي ولا مـعـتـبـر حـالـك ضـيف ولا غـريـب لا سمـح الله. ليتعـقـارب السـاعـة تـعـود للـوراء ليعـود الـزمان ولـو حـتى لـيوم واحـد, ولـكـن لـو مـن عـمـل الشيـطـان اللهم نـعـوذ مـنـه.

بعـد العشاء شـربنـا الشتاي ثتم انـتـقـلنـا إلى غـرفـة ولـيـد وجـلـسنـا نـستـطـلع المـحـضـارات ونـقـلـب فـي الـكـراريس ونـسـجـل بـعض الـملاحظات نـتـنـا قـش ونـبـحـث عـن الأجـابة الصـحـيحـة بـيـن المـراجـع.
مــن وقـت لأخـر كـان يـقـرع البـاب حـتى يـدخـل عـليـنـا أحـدا مـن أفـراد الـعـائـلة بالشـاي أوالقـهـوه وتـبقـى أم أحـمـد جـالسـة في الـصـالـون الى مـا بـعـد مـنـتـصـف الليـل بـعـد أن يخـلـد الجـمـيع للـنوم ثـم تسـتـأذن بـالـدخـول, (مـعـلش يـا أولاد جـبـت حـاجـة خـفـيفـه عـشـان تـركـزوا في المذاكرة الله ينـجـحـكم) . شـو يـا خـالتـي معـاك, (كـبـه نـيــه وجـبـنـه بيضاء ولـبـن. أمـاالكبة النية أكـلة اشـتهـر بهـا أهـل الشـام وهي عبارة عـن لحم بـدون دهـون يـطـحـن ويـضاف إليـه الـتـوابل وزيت الزيتون ويؤكـل نـيئـا أمـا الجبـنـة فـتصـنـع مـن الـحـليـب ولـها نـكـهـة طـيبـة تـخـتـلـف عمـا  يباع في الأسواق من صناعة المصانع كذلك اللبـن أوالـزبادي.
أمـا الجبـنـة فـتصـنـعـها مـن الـحـليـب ولـها نـكـهـة طـيبـة لـذيـذة الـطـعـم غـيـر التي تصـنـع في المـصـانـع وتباع في الاسواق. كذلك اللبـن اوالـزبادي وكثـيرا مـا كـانـت تحـمـلنـي مـن هـذه الطـيبات وأنـا عـائـد الى بيـتـي.

 

 الى اللقاء في الحلقة القادمة

 

 

جازاكم الله كل خير
مع تحياتي الاخويه

قل فيما شئت وقل ما شئت فأنها أيام الزمن الجميل
ذكريات لاتنسى وأيام سادها النسيان إلا من هذه الذكرى التى رسخت فى عقر اللبوب 

تحيا تنا وتقديرا ونتشوق للمزيد

تقديرى ومحبتى

الأخ الكريم سيد يوسف مرسي
يسعدني  جدا حضورك  وهذا يشجعني على كتابة المزيد
جازاكم الله كل خير
مع اطيب التحيات

   قـصة تـكـاد لا تُصدق ولا تـُعـقـل ,وكـأنـهـا مـن نـسـج الـخـيـال, لكـنهـا حـدثـت بالـفـعـل: كــيـف؟
   هـذا السـؤال لـم يـجـد أبـطـالـهـا لـه إجـابـة. كـان هـذا في ربـيـع 1973م بـدأت درجـة الـحـرارة تـرتـفـع رويـداً رويـداً, وقـليـل مـا نـسـتـعـمـل الملابس الشـتـويـة أو حـتى المظـلة.

   صديـقي وليـد سوري الجنسية, تـعـرفـت عـليـه - قـبـل ثـلاثـ سـنـوات - مـنـذ اليـوم الأول للدراسـة , كان يــعـيش مـع عـائـلـتـه. سرعـان مـا طـلب مـنـي أن أرافقـه للتـعـرف على الـعـائـلة بنـاء على طـلب والـدتـه طـيـب الله ثـراهـا.

تـوطـدت صـداقـتنا وأصـبـحـنـا نـجـلس السـاعـات سـويـاً أثـنـاءما كنا نعد أنفسها للامتحانات. وكانوا من أكرم الناس. وكـانت المـرحـومـة أمـه أسـكـنـهـا الله وجمـيع أمـواتـنـا وشهـدائـنـا جـنـات الـنـعـيم, كـانـت تـطـلـب مـن صديقي أن يـتـصـل بـي أو يـحـضـرنـي مـعـه بـعـد انـتـهـاء المـحـاضـرات لـتـنـاول طـعـام الغـذاء أو حـتى العشـاء, امـرأة غـايـة الكـرم ,وكـنت أرى فـيـهـا أمـي البـعـيـدة وعـلاقـتـي مـع أبنـائهـا ما زالت حميمة حتـى اللـحـظـة ,عـلمـاً بـأن كـل مـنـا يـعـيش فـي بـلد والمـسـافـة  بـيـنـنـا ليست هـينـة, وظـروف العـمـل أو العـائلة, تحـيل أحـيـانـا مـن اللقـاء ,ولـكنـنـا نـتحـادث بـاسـتـمـرار ونـضـحـك كثـيـراً, ونــتـلاقـى كـلمـا سـنـحـت الظـروف. 

اعتدنا - قبل نهاية كل فصل دراسي -  أن نجلس سوياً, نراجع ونـقـلب في الكـراريس ونصـطـنع الأسئلة ونـبحـث عـن الإجابة الصحيحة, وغالباً ما كانت تكهناتنا تؤتي ثمارها, ليس لأننا نضرب المندل وإنما من الخبرة التي اكتسبناها وطريقة الأساتـذة في إلقاء المحاضرات وبالأخص عندما كان يشدد أحـدهـم على مـوضـوع مـعـيـن ويعيد المحاضرة مرة أخرى.
كـان أمامنا يـومان قـبل بـدء الامتحانات وبـينهم عـطـلة الأسبوع , فـدعـاني وليـد لـتـناول العـشـاء حـتـى  نبدأ المراجعة. 
  شكرتـه على "العـزومـة " لأنني كـنـت أحـب أم أحـمد - والـدة وليـد - وأشعـر أنني في بيتي ووسط عائـلـتي, وخـاصـة عـندمـا تـبـدأ أم أحـمـد "تـزغـطـني " وتـقـول كـول يـا خـالـتي والله إنـك بتـصعـب عـليَّ, لا أم ولا أب ولا أخـت عـنـدك يــأخـدون بـالهـم منـك, اعـتـبـر الـبـيـت بـيـتـك وأنــا دائـمـاً مـا أطـلـب مـن ولـيـد أن يـحـضـرك مـعـه ودائمـا مـا يـقـول أنـت مـا تـريـد, لـمـاذ يـا بـنــي؟ ألا  يـعجبـك أكـلنـا؟. أرد عليها بالسوري وأقول خالتي أم أحمد والله بعتبرك زي إمي, وأكلك بيشهي ما في منه, وهيني بأجي كتيروباكل, أجي حسب وقتي وأنا ما بدي عزومة, يله شو بدك تأكلينا اليوم؟ 

    يله يـا بـنـات حـضـروا الـسفـرة وهـاتـوا الأكـل.  لحظات وتفتح الحـلل  ويخرج البخار بـرائحته العبقـه ويكفي أن تشم الـرائـحـة حـتى تـنفـتـح الشـهـيـة. الله على ورق الـعـنـب والـكـوسـة المـحـشـية, وأم أحمد الطيبة, خـذ هـاي مـن أيـد خـالـتـه هـذا بـيتـك وأنـت زي أولادي ولا مـعـتـبـر حـالـك ضـيف ولا غـريـب لا سمـح الله. وقـد حـباني الله  مـعـدة صـغـيـرة غـير معدة البعض الـذيـن يـأكـلون دون وعـي وأنـا أحـاول ولـكني أجـد نـفسـي قـد شـبـعـت ومـن لا يـعـرف طـبـيـعـتـي يـفـتكـرنـي مـتـكـبـراً أو أن الـطـعـام لـم يـعـجـبـنـي.
 
بـعـد تـنـاول الـطعام أخـذنـا نـرشـف الشـاي ثـم انـتـقـلنا إلى غـرفـة ولـيـد وجـلـسنـا نـستـطـلع المـحـاضـرات ونـقـلـب فـي الـكـراريس ونـسـجـل بـعض الـملاحظات, نـتـنـا قـش ونـبـحـث عـن الإجـابة الصـحـيحـة بـيـن المـراجـع.

مـا أن تـمـر سـاعـة حـتى يـدخـل عـليـنـا أحـد مـن أخـوانـه بالشـاي والقـهـوه وتـبقـى أم أحـمـد جـالسـة في الـصـالـون إلى مـا بـعـد مـنـتـصـف الليـل, تسـتـأذن بـالـدخـول, ,, مـعـلش جـبـت شيئاً خـفـيفاً حـتى تـركـزوا في المذاكرة. شـو يـا خـالتـي, كـبـة نـيــة وجـبـنـة ولـبـن. أمـا الكبـة النيـة أكـلة أشـتهـر بهـا أهـل الشـام وهي عبارة عـن لحم بـدون دهـون يـطـحـن ويـضاف إليه الـتـوابل وزيت الزيتون ويؤكـل نـيـا. أمـا الجبـنـة فـتصـنـع مـن الـحـليـب ولـها نـكـهـة طـيبـة تـخـتـلـف عن ما يباع في الأسواق من صناعة المصانع, كذلك اللبـن والـزبادي.
   لـيـت عـقـارب السـاعـة تـعـود للـوراء ولـو حـتى لـيوم واحـد, ولـكـن لـو تفتح عـمـل الشيـطـان ,اللهم نـعـوذ بك مـنـه.
___
سعادة الدكتور عزمي
تحياتي ,أمد الله في عمرك, فإنك زخر, ذكرتنا بالأيام الخوالي, حيث الطيبة وحسن النية, وحيث الصداقة الحقة, رحم الله أم وليد.
ملحوظة: النص بعد المرور عليه

تحياتي الاخويه دكتور رضوان
اشكرك  على زيارتك وتعليقك على الموضوع
لنا لقاء اخر بأذن الله
وأمل بعد الأنتهـاء من باقي الحلقات أجدك وقد
علقت على الموضوع إذ كان يصلح أن يصدر في كتيب أم لا
مع الشكر