زائر زائر
| موضوع: النقد في قاموس اللغة الجمعة 06 يوليو 2018, 5:43 pm | |
| ورد في بعض القواميس كلسان العرب وقاموس المحيط أنّ النقد والتّنقاد والإنتقاد تمييز الدّراهم وإخراج الزّيف منها،
أنشد سيبويه:
تنفي يداها الحصى في كلّ هاجرةٍ
نفَي الدّراهم تنقادُ الصّياريف
و نقدتُ الدّراهَم وانتقدتها أخرجتُ منها الزَّيف فهذا المعني اللّغوي الأول يشير إلي أنّ المُراد بالنقد هو التمييز بين الجيد والرّديء من الدّراهم والدنانير، وهذا يكون عن خبرة وفهم وموازنة ثمّ حكم سديد. وهناك معنى لغوي آخر يدلُّ عليه قولهم أيضا، نقدتُ رأسَهُ بإصبعي إذا ضربتُهُ، ونقدت الجوزة أنقدها إذا ضربتها. وعلى ذلك يُفسّر حديث أبي الدرداء أنّه قال: إن نقدتَ النّاسَ نقدوكَ وإن تركتهم تركوكَ، معناه إن عبتَهم وَاغتبتهم قابلوك بمثله فالنقد هنا معناه العيب والثلم أو التجريح وضدّه الإطراء والتقريظ من قرّظ الجلد إذا دبغه بالقرظ، وأديم مقروظ إذا دُبغ أوطلي به وذلك إنّما يكون للتحسين والتّجميل، فالنقد للذّمّ والتقريظ وَللمدح والثناء. ومن المعاني التّي تستعمل فيه فيها هذه المادّة "لدغ الحيّة"، و"قبض الدّرراهم" الدراهم و أخذ الطائر طائر الحُبّ واحدة . وأمّا في الّلغات الأوروبيّة فإن كلمة Critique مشتّقة من الفعل اللّاتيني Krinem بمعني «يفصل» أو يميّز؛ أي حين يميز الشيء عن شيء آخر؛ فمعنى هذا بِحسب تلك اللغات، أنّه يؤكّد وجود شيء يمكن تصنيفه مع نظيره من الأشياء الّتي لها صفات متشابهة معه بدرجة قليلة أو كثيرة وهذا يظهر معنى أوليّا لكلمة نقد وهو تميز شيء عن نظيره، ويمكننا إذا تتبعنا تطوَّر كلمة «نقد» في القرن السادس عشر، سنجد أنّها ظهرت في بادئ الأمر في المجال الفلسفي للدّلالة علي تصحيح الأخطاء النّحوية أو إعادة صياغة كل ما هو ضعيف في المؤلّفات الأدبيّة اليونانية ثمّ تطوّر ذلك المصطلح في القرنين السابع والثّامن عشر، واتّسعت حدوده حتّي شملت وصف وتذوق المؤلّفات الأدبيّة في وقت معا.
أمّا في القرن الماضي، فقد استخدمه عدد من الكّتاب والمفكّرين بمعني الحكم أو تفسير الأثر الأدبي، ويمكن أن يسْتَشف من هذا المعني من الدّراسات التي أجراها «تين» و«برونتير» وغيرهما من المفكّرين الذين أعطوا للنقد طابعا وضعيّا، نتيجة تأثّرهم بمناهج وقوانين علوم الطبيعة التي ذاعت في ذلك القرن فالنظرة السريعة عبرالاتّجاهات المختلفة في ذلك القرن كفيلة بأن تطلعنا علي أن أغلب المفكرين كانوا على الدّوام يستخدمون كلمة «نقد» متأثرين بمنطق العلم الوضعي.
أمّا في هذا القرن حيث تطورت العلوم الإنسانية واللغوية، نجد أنها (أي كلمة نقد)، قد استخدمت من قِبَل عدد من النقاد بمعني فهم الأثر الأدبي والبحث في دلالاته ومعاينه.
ولكن مِن المؤكد أن كلمة«نقد» لازالت تبدو كلمة غامضة، فهي تستخدم تارة بمعني بِمَعْنى معرفة الأثر والحكم عليه أو فهمه، وطورا آخر بمعني بِمَعْنى تفسيره..
هذه هي أهّم المعاني اللغويّة لمادّة النقد ولعلّها أو أكثرها ملائم لما يراد هنا من معني، فقد استعمل النقد في معني تعقّب الأدباء والفّنيين والعلماء والدّلالة عَلي أخطائهم وإذاعتها قصد التشهير أوالتعليم، وشاع هذا المعني في عصرنا هذا وصارت كلمة النقد إذا أطلقت فهم منها الثلب ونشر العيوب والمآخذ وقديماً ألَّف أبوعبيد اللّه محمّدبن عمران المرزباني المتوفّي سنة 438 ه (كتاب الموشح) في مآخذ العلماء على الشعراء ضمنه ما عيب يُعَيَّب علي على الشعراء السابقين من لفظ أو معني أو وزن أو خروج علي على المألوف من قوانين النحو والعروض والبيان، وشاع بجانب ذلك عندنا تقريظ الكتب والأشخاص والمذاهب السياسية والاجتماعية والآثار الفنيّة مما يعد اكثره أكثرهُ رياءً ومجاملةً دون أن يكون له حظ حقيقي من الحّق والإنصاف فهذا الاستعمال له أصل لغوي كما رأيت وإن لم يكن هو المقصود المقرّر بين النّقاد المنصفين. __________________ |
|
يوسف قبلان سلامة عضو جديد
عدد المساهمات : 467 تاريخ الميلاد : 28/04/1978 العمر : 46 تاريخ التسجيل : 22/06/2017 الموقع : --- العمل : شاعِر وكاتب ومترجم المزاج : الحمدلله تعاليق : (لولا المشقةُ سادَ الناسُ كُلَهم ... الجودُ يُفقِر والإقدامُ قَتَّالُ)- المُتَنَبّي
| موضوع: رد: النقد في قاموس اللغة السبت 07 يوليو 2018, 8:57 pm | |
| سلام الله اديبتنا الأستاذة أمّ بُشْرى، تقديرنا لِما قَدَّمْتِهِ من نَصّ أدبيّ هام يخوض بإيجاز في معنى النّقْد وتَطَوّر مفهومه عبر العُصور. أجل، فللنّقْد أهَمِيّة بالِغة إذْ يُسَلِّط الضّوء حول معاني النّصوص الأدبيّة مُقارناً قوّتها للتوجيه والإرْشاد في الحَقّ. | |
|
زائر زائر
| موضوع: رد: النقد في قاموس اللغة الثلاثاء 10 يوليو 2018, 6:38 pm | |
| ممنونة لمرورك وتفاعلك وتثمينك للموضوع برد طيب |
|
حسين ليشوري كبار الشخصيات
عدد المساهمات : 4 تاريخ الميلاد : 28/06/1952 العمر : 72 تاريخ التسجيل : 04/12/2013 الموقع : ملتقى أ.حسين ليشوري. العمل : باحث في اللغة العربية وعلومها. المزاج : معتدل تعاليق : بسم الله، الرحمانُ، و هو سبحانه، المستعانُ.
اللهم احفظ لغة العربية كما حفظت كتابك، اللهم آمين يا رب العالمين.
| موضوع: رد: النقد في قاموس اللغة الإثنين 27 أغسطس 2018, 2:39 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. موضوع قيم وقد استفدت منه كثيرا غير أن، كما يقال، "لا تعدم الحسناء ذاما" فقد تسربت هفوات طفيفة يكنك يُمْكِنُكِ استدراكها بسهولة وإحداها يقال "القاموس المحيط" بالتعريف وليس "قاموس المحيط" فما أحسب أن للمحيط قاموسا. تحياتي البُلَيْدِيّة. | |
|
زائر زائر
| موضوع: رد: النقد في قاموس اللغة الإثنين 27 أغسطس 2018, 7:18 pm | |
| الله يكرمك الفاضل "حسين ليشوري" على المرور العطر والتصويب للفظة " قاموس المحيط "
فعلا هو"القاموس المحيط " وشدّني التصويب لمداعبة لفظة القاموس بهذا الإيضاح اللغوي ممن كان همهم تقديم المعاني اللغوية والإصطلاحية لألفاظ اللغة العربية منها لفظة القاموس : القاموس المحيط"من مادة "قمس" أنها تعني الغوص وأن "القموس" هي "بئر تغيب فيها الدلاء من كثرة مائها، أما القاموس فهو معظم ماء البحر. وبذلك تعني كلمة "القاموس " البحر أو وسطه أو معظمه، فكثير من علماء اللغة العربية الذين حاولوا جمع اللغة، يطلقون على أعمالهم أسماء من أسماء البحر، نحو: ابن سيده الذي أطلق على معجمه "مجمع البحرين" وابن عباد الذي سمى معجمه باسم "المحيط" والفيروزآباد ي باسم " القاموس المحيط ... إلخ. سعيدة جدا بأمثالكم نستفيد منكم المعرفة والتوجيه . |
|
زائر زائر
| موضوع: رد: النقد في قاموس اللغة السبت 22 سبتمبر 2018, 10:17 pm | |
| أسعد الله مساؤكم بالخير أستاذة أم بشرى لقد وقفت هنا أمتع وجداني بحروفكم العطرة والتي نسعى لها دائما لنطالعها كان عنوان مقالتكم (النقد في قاموس اللغة ) وقد أجدتي في تبيان المرادف والمقصود من كلمة النقد في استعمالها فيما مضى وحتي زماننا هذا ، لكن: يا سيدتي لي وقفة مع النقد أو يسمى بالنقاد في عصرنا والذى أصبح النقد فيه أداة للتشهير وابتزاز الناس والتقليل من نتاجهم الأدبي كان شعراً أو قصة أو مقالاً ولقد رأيت بأم عيني ما أشرت إليه وتعرضت لمثله ، وقد أرى أن يكون الناقد أميناً في نقده وعليه أن يظهر موطن الجمال في النص قبل أن يظهر مواطن الضعف دون الانتقاص من قيمة العمل أو التعرض لصاحب العمل والتعرض به وإنزاله منزلة وضيعة لا تليق به هكذا نرى بعض من يسمون أنفسهم بالنقاد في زماننا هذا والنقد يا سيدتي أداة فعالة في الثراء الأدبي لو صحت مداخلها فهي كما المصفاة التي تنقي الحليب من الشوائب أو الغربال الذي يفض صغير الحصى من الحبوب وهنا أسأل لماذا لا يكون الناقد رسولاً للأبداع بدلاً من أن يكون أداة للتثبيط ؟ الحق يا سيدتي نود دائما من حوى علماً أن يكون كريماً حليما في تعاطيه مع الأخرين إذا وضع يده على خطأ كان لغوياً عروضياً ثقافياً تربوياً أياً كان الخطأ فيجب أن يعالج بالحلم لا بالنهر والزجر وما شابه ذلك من أمور تنفر الناس من بعضعها وتحضض الهمم وتسفك بالأبداع تحياتي وشكري على هذه المقالة التي كنت أتشوق لمثلها ومحبتي أكثر أختنا الفاضلة أم بشرى |
|