يظهر شيب الشعر عند الرجل والمرأة، عند الوصول إلى سن معين ، حيث يختلف كل انسان عن الاخر ، ولكن من المؤكد أن الشعر الابيض سيظهر لا محالة ، والشيب يعني في الشعر الوقار والهيبة ، وقد استخدمه الكثير من الشعراء بهذا المعنى ، كما استخدم أيضا بمعنى الكبر والعجز كقول الله تعالى ( واشتعل الرأس شيبا ) .
وهناك الكثير من الحكم عن الشيب منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الشَّيْبُ نُورُ المُؤْمِنِ* لَا يَشِيبُ رَجُلٌ شَيْبَةً فِي الإِسْلَامِ إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِكُلِّ شَيْبَةٍ حَسَنَة وَرُفِعَ بِهَا دَرَجَة "أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان "قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا بلغ العبد أربعين سنة عفاه الله تعالى من أنواع البلاء: من الجنون، والجذام، والبرص؛ فإذا بلغ خمسين رزقه الله الإنابة إليه، فإذا بلغ الستِّين حبَّبه الله إلى أهل سمائه وأهل أرضه, فإذا بلغ السبعين سنة استحيا الله منه أن يعذبه, فإذا بلغ التسعين كان أسير الله في أرضه، ولم يخط عليه القلم بحرف". [انظر: الفتح الرباني للشوكاني، وتحسينه للحديث].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه" [أبو داود4843، وصححه الألباني].
أفضل ما قيل عن الشيب :
قال المنصور بن أبي عامر : “يا ليت شعري ألا من منجي من الهرم أم هل على العيش بعد الشيب من ندم”
مثل ألماني : “رأس المجنون لا يعتريه الشيب”
الأنباري : “رأيت الشيب تكرهه الغواني*** ويحببن الشباب لما هوينا***فهذا الشيب تخضبه سوادا*** فكيف لنا فنسترق السنينا”
دعبل الخزاعي : “والشيب أزهار يا سلم من رجل***ضحك المشيب برأسه فبكى”
قول ماثور : “الشيب حلية العقل وسمة الوقار”
قول سائر : “الشيب عنوان الكبر”
قول ماثور : “الشيب نذير المنية”
دعبل : “أحب الشيب لما قيل ضيف***كحبي للضيوف النازلينا”
عبد الحميد بن باديس : “إذا لم تتعظ بالشيب نفسي**فما تغني عظات الواعظينا”
الفرزدق : “إذا نازل الشيب الشباب فاصلتا***بسيفيهما، فالشيب لابد غالبه
فيا خير مهزوم ويا شر هازم***إذا الشيب وافت للشباب كتائبه
وليس شباب بعد شيب براجع***مدى الدهر حتى يرجع الدر حالبه”
الشريف الرضي قال : “أرابك من مشيبي ما أرابا***وما هذا البياض علي غابا
لئن ابغضت مني شيب رأسي***فغني مبغض منك الشبابا
يذم البيض من جزع مشيبي***ودل البيض أول ما أشابا”
منصور النمري قال : “أرى الشيب الرجال من الغواني***بموقع شيبهن من الرجال”
قال ابن الرومي : “ألا ليس شيبك بالمنتزع***فهل أنت عن غيه مرتدع”
قال مسلم بن الوليد : “الشيب كره وكره أن يفارقني***فأعجب لشيء على البغضاء مودود”
العتبي قال : “الشيب لي واعظ لو كنت متعظا***وفي التجارب لي ناه ومزدجر”
مروان بن أبي حفصة قال : “أمسى المشيب من الشباب بديلا***ضيفا أقام فما يريد رحيلا
والشيب إذ طرد السواد بياضه***كالصبح أحدث للظلام أفولا”
مروان بن أبي الجنوب (ابو السمط) قال : “إن المشيب رداء العقل والأدب***كما الشباب رداء اللهو والطرب”
جرير : “أنصحو أم فؤادك غير صاح؟***عشية هم صحبك بالروح
تقول العادلات: علاك شيب***أهذا الشيب بمعنى مراحي؟”
ابن قيس الرقيات قال : “بكر العواذل في الصبا***ح يلمنني والومهنه
ويقلن شيب قد علا***ك وقد كبرت فقلت إنه
لابد من شيب فدعـ***ـن ولا تطلن ملامكنه”
الفرزدق : “تباريق شيب في السواد لوامع***وما خير ليل ليس فيه نجوم”
ابن نباته : “تبسم الشيب بوجه الفتى***يوجب سح الدمع من جفنه
وكيف لا يبكي على نفسه***من ضحك الشيب على ذقنه”
المعري : “تعمم رأسي بالمشيب فساءني***وما سرني تفتيح نور بياضه
وقد أبصرت عيني خطوبا كثيرة***فلم أر خطبا أسودا كبياضه”
كعب بن سعد الغنوي : “تقول ابنة العبسي: قد شبت بعدنا***وكل امرئ، بعد الشباب، يشيب
وما الشيب إلا غائب كات جائيا***وما القول إلا مخطئ ومصيب
…تتابع أحداث تخر من إخوتي،***فشيبن رأسي، والخطوب تشيب”
أحمد لن محمد الميداني النيسابوري (صاحب كتاب مجمع الأمثال) قال : “تنفس صبح الشيب في ليل عارضي***فقلت: عساه يكتفي بعذاري***فلما فشا عاتبته، فأجابني:***ألا هل يُرى صبح بغير نهار؟”
ابن المعتز : “جاء المشيب فما تعست به***ومضى الشباب فما بكاي عليه”
الزاهد أبو عمران : “ذهب الشباب بجهله وبعاره***وأتى المشيب بحمله ووقاره***شتان بين مبعد من ربه***بغروره ومبشر بجواره”
مصطفى لطفي المنفلوطي : “رأيت الشعراء البيضاء في مفرقي فارتعت لمرآها، كأنما خيل إلى أنها سيف جرده القضاء على رأسي، أو علم أبيض يحمله رسول جاء من عالم الغيب ينذرني باقتراب الأجل…”
قال الحمصي أمين الجندي : “عيرتني بالشيب وهو وقار***ليتها عيرت بما هو عار
إن تكن شابت الذوائب مني***فالليالي تزينها الأقمار”
العلوي : “عيَّرَتْني بشيب رأسي نوار***يا بنة العم ليس فسي الشيب عار
إنما العار في الفرار من الزحـ***ـف إذا قيل أين أين الفرار”
ابن المعتز : “قالت كبرت وضبت، قلت لها:***هذا غبار وقائع الدهر”
أبو تمام : “فلا يروعنك إيماض المشيب به***فإن ذاك ابتسام الرأي والأدب”
وهكذا نرى رغم تباين الأقوال في الشيب إلا أنّه
في السنة النبوية نور للمسلم في الدنيا والآخرة، وبه تُزاد الحسنات، وتُرفع الدرجات، وتُحطّ به الخطايا، وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم من نتفه وإزالته، وأجاز صبغه وتغييره بالحناء أو الصفرة، أو الحناء والكتم (لونه بين السواد والحمرة)، ونهى عن صبغ الشيب بالسواد، ولا قول لأحد مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كائناً من كان .. فطوبى لمن شاب رأسه، وابيض شعره، وهو على طاعة ربه، ثابت عليها، فالله تعالى يجعل له بهذا الشيب نـوراً يوم القيامة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَن شاب شيبة في الإسلام، كانت له نورًا يوم القيامة) رواه ابن حبان.. والشيب له أسباب غير كِبَر السِن، فقد يكون مبكراً، للخوف من الله عز وجل، أو لغيره من الأسباب، فعنابن عباس رضي الله عنه قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: (يا رسول الله قد شِبْتَ؟ قال: شيبتني هودٌ، والواقعة، والمرسلات، وعمّ يتساءلون، وإذا الشمس كوِّرت) رواه الترمذي وصححه الألباني.