جل اعتباراتي صارت متمحورة حول التحصيل العلمي و الارتقاء في السلم المهني، و كذا همهمات باطنية لعشق مجهول.. تغمرني و تسري في اعماقي أتذكر من خلالها ليالي الخلابة، لما كان الحب ينضح في وجهي الصبوح، فيجعلني كالفراشة البرية المتنقلة بين بساتين الشوق و الهيام..
ها قد حل فصلي الجميل الحالم بالمدائن العالقة بمخيلتي العنفوانية، و السابحة في ملكوت هذا الكون الفسبح..إذ آوي للركن الكامن بمخيلتي الدفينة ،و اغفوا قليلا ثم أغط في نوم عميق عبورا لعوالمي السفلية، و يا لها من نشوة رائعة و ملهمة لغرامي العليل و المتنامي بين طيات غيبية.. تسري الحياة مجددا بعروقي و حبات العرق تنصب فوق حبيني الوضاح ذو اللمسة الحريرية، تذكرني بحرارة اللقى الحميمية و سلواها المريحة..
و في اليوم الموالي، استنشق عبق الياسمين بمروج الشام الفسيحة و المنيرة تحت شمش ساطعة، ينعكس نورها على سقوف المنازل و مروج قرب السواقي، احاكي من خلالها الماضي، و كيف أضحت هذه الزريعة الخضراء مزهوة و عذبة،و تتمايل النسائم بين عبراتها..ذانك السبت الفريد و الراسخ بعقول المسلمين العارفيين بطبيعة دينهم جيدا، و كيف تصدوا اسلافنا للمشركين كي نحتضن نحن الحرية، و يعم جميع معابرنا بدون استثناء، العشرون من أفريل سنة 1303هجرية، استقلت هذه البلاد ذات الرياض الغناء الشافية للعليل و الحامية لكل منفي عن وطنه، ما إن رغبت في التنفيس عن روحك و الهروب من المجرمين و المرتزقة الذين عاثوا فسادا في الأرض، و التي ارتوت بدماءنا البريئة..لا نزال عطشى و نطالب بانتصارات تاريخية جديدة تحفظ هذه الدولة المحمدية، لا نزال نتضرع جوعا في سبيل احياء كلمة الحق في كل ربوع حضارتنا العريقة، أولا نسعى دوما لتحرير أهل فلسطين الشقيقة، و تضميد جروحهم النازفة، إني لأمني النفس رؤية معركة سقطب كمثلها حاسمة، في سهل دمشقي آسر للعيون و ساحق لكل كلب مسعور، فجنب جبل غباغب جنوب هذه الجنة الفواحة، كانت تفاصيل النصر ضد المارقين، بانت سطورها و لا تزال راسخة لحد الساعة.. تقدم الجيش المصري بقيادة السلطان الناصر محمد بن قلاوون و أمراء المماليك المصراوية، و مغول فارس بقيادة قتلغ ساهل نويان( قطلوشاه)، و بحمد الله منيت الجيوش العلوية بانتصار كبير و انكسوه بشوكة اتباع القائد غازان خان و طرد شر طردة منها.. يا سلام ما أحلاها الحياة لما تهدينا باقات بطولية كهذه، حقيقة لن ولا يمكن نكران صانعيها و نستذكر خلالها احداثا رويت بالقرآن الكريم، و نوقن أيضا أن الله عز وجل لا ينسى عبده مهما جار عليه الزمن، يقول تعالى في سورة القران ص 362 ( و يوم تشقق السماء بالغمم و نزل الملائكة تنزيلا-25- الملك يومئذ الحق للرحمان و كان يوما على الكافرين عسيرا-26- و يوم يعض الظالم على يده يقول يليتني اتخذت مع الرسول سبيلا-27- يويلتي لم اتخذ فلانا خليلا_28- لقد اضلني عن الذكر بعد إذ جاءني و كان الشيطان للإنسان خذولا-29-) صدق الله مولانا العظيم.
سبحان الخالق المبدع في ملكوته و رازق الطير ذهابا و إيابا، و فالق النوى و الحب من أرض الساجدين له، فهل من مجيب لدعوة الداعي إذا ما دعاه و قال : الله أكبر ، إنها الأرض الموعودة، ها وذا قد حان ارجاع الامانة لاصحابها كما كتب بين سطور سيرة المؤمنين العطرة المنقوشة بالقرآن العظيم.
لكن ما يزال المستشرقون المحسوبون علينا دائما، و يحاولون بكل الوسائل طمس الحقيقة و تغيير مجريات الأحداث حتى تنقلب الكفة لصالحهم كما تعودوا فعله في كل مرة، ألم تسمع عزيزي القارىء كيف شوهوا وجوهنا زيغا مع الأخبار الكاذبة، لما أصبح أميرنا العسكري المحنك، و الملقب بالأمير عبد القادر حفظه الله، مجرد إنسان بلا هوية، فلما تمكنوا من اخماد ثوراته و خططه الفولاذية و التي جمعت اسقام الوطن المفدى، ثم لما وقع في قيودهم، حاولوا تزييف الوقائع التاريخية، و محو اصولنا و قول أن الجزائر جزء لا يتجزأ عنهم و هم بالاصل غرباء عنا، لا يشبهوننا لا صفة و لا عرفا و لا شريعة دينية حتى.. لذا لن يفلحوا أبدا و كل مزاعمهم ردت عليهم، و نحن كتلة واحدة، لا فرق بيننا، و نعرف من هو صديقنا ومن هو عدونا، و النية هي أصل العمل، و الجزاء من جنس العمل.
بعدها..استرجع انفاسي المقبوظة، ثم اواصل سعيي المنشود كما تعودت فعله في كل و قت و في كل حين، البحث عن المفيد، و جمع ما يفيد، ليعم الخير بيننا بدون منع أو تسويف،و جزاكم الله كل خير أمين يا رب العالمين.