الكُسَعِي الذي يضرب المثل بندامته ، رجلٌ مِنْ كُسَع ، حي من اليمن
وخَبَرُ ندامته أنه كان يرعى إبلًا له بوادٍ كثير العُشْبِ ، فَبَصُر بشجرةٍ تُتَّخَذُ منها السهام ، فجعل يتعاهد هذه الشجرة ، حتى إذا بلغتْ حدًا يريده ، قَطَعَها واتخذ منها قوسًا ، وأنشأ يقول :
يارب وفقْنِي لنحتِ قَوْسـي
إنَّها مِنْ لَذَّتِي لِنَفْسِــــي
وانْفَعْ بِقَوْسِي وَلَدِي وغَرْسِي
أنْحَتُها صَفْراءَ مثل الـوَرْسِ
صَلْداء لَيْسَتْ كالقِسي النكسِ
ثم ذهب إلى ما بقي من الشجرة التي اتخذ منها قوسًا ، فاتخذ منها خمسة أسهم ، ثم أنشأ يقول :
هُنَّ وربِي أسْهُمٌ حِســـانُ
تَلَذُّ للرَّامي بِها البَنــــانُ
كأنما قِوامُها ميـــــزانُ
فأبْشِروا بالخَصْبِ يا صِبْيانُ
إنْ لَمْ يُعِقْنِي الشُّؤْمُ والحِرْمانُ
ثم خرج حتى أتى مكانًا ترتاده الحُمُر ، فَكَمَنَ لها ، حتى مرَّ به قطيعٌ منها ، فرمى ****ًا بسهم ، ولِقُوَّةِ السهم ، نَفَذَ في ال**** ، وخرج من الجهة الأخرى حتى أصاب الجبل ، فظن أنه لم يُصِبْهُ
ثم مكث على حاله ، فجاء قطيع آخر ، فرمى ****ًا منها ، فنفذ السهم ، حتى أصاب الجبل
ثم مكث على حاله ، ثلاث مراتٍ ، حتى أيقن أنه لم يُصِبْ منها شيئًا
ثم عَمَدَ إلى قَوْسِهِ ، فكسرها ، ثم بات ( أمسى )
فلمَّا أصبحَ نَظَر ، فإذا الحُمُرُ حَوْلَهُ مُصَرَّعة ، وأسهمه بالدم مُضَرَّجة ، فندم على كسر القوس ، فعض على إبهامه فقطعها أسفًا وحسرة ، ثم أنشأ يقول
نَدِمْتُ نَدَامَةً لَوْ أنَّ نَفْسِـــي # تُطاوعُنِي إذنْ لَقَطَعْتُ خَمْسِـي
تَبَيَّنَ لِي سَفاهُ الرأيِ مِنِّـــي # لَعَمْرُ أبِيكَ حِينَ كَسَرْتُ قَوْسِي
أندم من الكسعي
قال ابن الجوزي : من لم يحفظ القرآن في الصغر ندم ندامة الكسعي
وقال الفرزدق عندما ندم على طلاق زوجته نوار:
ندمت ندامة الكسعـي لمـا
غدت منـي مطلقـة نـوار
وكانت جنتي فخرجت منها
كآدم حين لج بـه الضـرار
وكنت كفاقئ عينيـه عمـداً
فأصبح ما يضيء له النهار
ولا يوفي بحب نوار عندي
ولا كلفي بهـا إلا انتحـار
ولو رضيت يداي بها وقرت
لكان لها على القدر الخيـار
وما فارقتها شبعـا ولكـن
رأيت الدهر يأخذ ما يعـار
***********************
قال عدي بن مرينا لعدي بن زيد
ندمت ندامة الكسعي لما
رأت عيناك ما صنعت يداكا
***********************
وقال الحطيئة
ندمت ندامة الكسعي لما
شربت رضا بني سهم برغمي
***********************
خدمات رابطة محبي اللغة العربية