فلاح العيساوي
عدد المساهمات : 30 تاريخ الميلاد : 17/08/1974 العمر : 50 تاريخ التسجيل : 27/04/2013 الموقع : منتدى رابطة محبي اللغة العربية المزاج : تمام تعاليق : الحمد لله رب العالمين
| موضوع: زيارة إلى عالم البرزخ الجمعة 24 مايو 2013, 5:41 pm | |
| زيارة إلى عالم البرزخ بقلم : فلاح العيساوي اشتد بهم الجوع فخرج أبوهم لعله يجد لهم ما يسد به جوعهم الكافر، ورجع لكن بخفي حنين استقبلته زوجه المحبة بثغرها الباسم وروحها النقية ، فقال لها سعاد لم أجد ما يؤكل في السوق إن المجاعة قد عمت المدينة بأكملها ، فقالت يا أحمد لا تهتم صبرنا جميل وفرج الله قريب ، فهرب أحمد إلى الشارع وسار في الطرقات عله يخفف عن نفسه المعصورة وحدت به قدماه إلى المقابر ، أحس بتعب وألم في قدميه فجلس يستريح وأطرق برأسه ووضعه بين ركبتيه وشبك يديه فوق رأسه والغم لا يفارقه وصور أحبائه وهم يحنون إلى القرص أو مجرد لقمة تتراءى أمام ناظريه ، نزلت دموع عينيه بحرقة وماجت به الدنيا حتى ضاقت به رغم وسعها ، فقال ( ربي رحماك ربي الغوث وبك نستجير يا من أنت أحن من الأم على رضيعها أغث عيالي وارحمهم برزقك الواسع يا معطي ويا منعم ) !!،،، في هذه اللحظات سمع وقع أقدام فرفع رأسه وحد بصره فشاهد ثمانية رجال لباسهم أبيض ووجوههم تشع نورا وهم يحملون لوح خشب مستطيل الشكل يرقد فوقه رجل يشع النور منه، فقال في نفسه هذه الجنازة غريبة جدا !، فلم أر لها مثيلا من قبل !، لكن الواجب يحتم على الرجل المؤمن أن يشترك في تشييع جنازة أخيه المؤمن ، قبل أن ينهض من مكانه أصبح القوم أمامه فقال أحدهم ، سيد أحمد انهض وشيع معنا أخاك المؤمن ، نهض ولم يتوان ولحق بهم وجعل يتمتم بقراءة سورة الفاتحة ، و فجأة رأى أحمد نفسه وهو في روضة غناء أشجارها كثيفة وباسقة وثمارها تشد البصر وتشتهيها الأنفس ، وأنهارها عجيبة ، فألوانها متعددة ، دهشة أحمد جعلته يسير دون شعور إلى أين يسير ؟،، أو أين يقصد ؟،، حتى لاحظ قصرا جميلا ورائعا ، له حدائق خلابة ، وأشجارا ثمارها لا تعد ولا تحصى !!... وقف أحمد والدهشة بالمكان والرياض الرائعة أنسته عالمه القاسي وما يوجد فيه من هموم وأحزان كثيرة مع أفراح نسبتها قليلة ، باب القصر كانت مزخرفة ( كان مزخرفا )بأنواع المعادن الثمينة من الذهب والفضة ، ومرصعة( مرصعا ) بأغلى الأحجار والمجوهرات الثمينة ، وهنا لاح له رجل مهيب قادم نحوه ، وعند اقترابه اتضح له أن الرجل أبيه ( أبوه ) !!،، لكن أباه كان ميتا منذ سنين !،، أقبل الرجل نحو أحمد وفتح الباب ثم تعانقا وأخذ أحمد يبكي بكاء الفرح المشتاق، وقال أبي أنت أبي ؟،، فقال نعم يا ولدي الحبيب أنا أبوك !!،، فلا تخف ولا تحزن فأنت في عالم البرزخ !!!،،، وضع أبو أحمد يده في يد ابنه الغالي وأدخله إلى القصر ، وما هي إلا لحظات حتى شاهد أحمد أمه الغالية ، التي أخذته في أحضانها وصارت تشمه وتلثمه بقبلاتها الحارة ، وجلس الجميع على طاولة تحوي أفخر وأطيب المأكولات مع أطيب الفواكه الصيفية والشتوية ، طلب أبو أحمد من ولده أن يمد يده ويأكل ما لذ وطاب ، فمد يده وتناول ملعقة وغرف غرفة من صحن الأرز الفواح بعطر العنبر ، وقبل أن يضعها في فيه تذكر جوع أبنائه وزوجته ، فأرجع الملعقة إلى الصحن ، فقال أبوه ولدي أحمد لماذا لا تأكل ؟، ألست جائعا ؟، فقال نعم يا أبي أنا جائع لكن كيف لي بلذيذ الطعام وأبنائي وزوجتي جياع ، فقال ولدي ونور عيني بعد الطعام سوف أزيح عنك همك وغمك !!... أكل أحمد طعامه الغريب واللذيذ ، فرغم كثرة ما أكل لكنه لم يحس بثقل أو تخمة إطلاقا ، واصطحبه أبوه إلى داخل القصر ، ورغم جمال القصر وزينته التي لم ير مثلها قط ، كان همه أطفاله ، فتح أبو أحمد حجرة مليئة بالأرز تفوح منه رائحة العنبر ، وغرف غرفة وضعها في حجر أحمد ، وقال ولدي أحمد حان الآن الفراق المؤقت ، واعلم إن بركة هذا الأرز سوف تذهب إن أخبرت أحدا عن مصدره ، وفي أمان الله وحفظه !!... رفع أحمد رأسه من بين ركبتيه ونظر أمامه فوجد نفسه جالسا في مكانه الأول !، لكن الأرز في حجره يفوح بالعطر ، فنهض وأسرع إلى الدار ، استقبلته زوجته الحنون فأعطاها الأرز وقال اطبخيه واطعمي الأطفال ، فقالت وأنت ؟، فقال أنا لا أشتهي الطعام !!... بقى أحمد مدة يومين لا يشتهي الطعام ، فحلاوة ولذة الغذاء الذي تناوله مع أبيه في عالم البرزخ ما زالت ترافقه ، أما سعاد فقد بدأت تلح عليه وتسأله كثيرا عن مصدر الأرز العجيب ، إذ لاحظت إن الأرز لا ينفد رغم أنها تأخذ يوميا منه للطبخ وعلى مدى أسبوع ، وأحمد ما زال يكتم سر زيارته الغريبة والعجيبة إلى البرزخ ، فأحمد بكياسته صار يلاطف سعاد ويهرب من الجواب على سؤالها الدائم ... مضت أشهر عدة وانتهت المجاعة في المدينة، وما زالت سعاد ترغب في معرفة مصدر الأرز، ولم يستطع أحمد أن يصمد أمام تيار تساؤلات سعاد، فجلس وأخبرها عن زيارته إلى عالم البرزخ ورؤيته لأبيه وأمه !، وأن مصدر الأرز من قصر أبيه !!... جاءت سعاد على عادتها لتأخذ من الأرز غرفة لطبخه وعند فتح الصرة لم تجد حبة واحدة من الأرز !، فأسرعت إلى أحمد وأخبرته، فقال لها لا تعجبي، فأبي حذرني من إفشاء سر مصدر الأرز، كي لا تذهب بركته، والآن بعد انتهاء المجاعة انتفت حاجتنا إليه والحمد لله على نعمه كلها. ============ قصة خيالية طريفة سردها جيد خدمات رابطة محبي اللغة العربية
عدل سابقا من قبل محمد فهمي يوسف في الإثنين 27 مايو 2013, 1:17 pm عدل 1 مرات (السبب : تدقيق ومراجعة) | |
|
فلاح العيساوي
عدد المساهمات : 30 تاريخ الميلاد : 17/08/1974 العمر : 50 تاريخ التسجيل : 27/04/2013 الموقع : منتدى رابطة محبي اللغة العربية المزاج : تمام تعاليق : الحمد لله رب العالمين
| موضوع: رد: زيارة إلى عالم البرزخ الإثنين 27 مايو 2013, 7:06 pm | |
| أستاذي الكبير والقدير محمد فهمي يوسف يكفينا عزا وفخرا أن تتابع وتقرأ وتصحح وتعلق على نصوصنا المتواضعة لا حرمنا الله من تواجدك وأيام فيوضاتك علينا دمتا علما بارزا ومنارا للغتنا العربية الجميلة تلميذك فلاح | |
|
يوسف قبلان سلامة عضو جديد
عدد المساهمات : 467 تاريخ الميلاد : 28/04/1978 العمر : 46 تاريخ التسجيل : 22/06/2017 الموقع : --- العمل : شاعِر وكاتب ومترجم المزاج : الحمدلله تعاليق : (لولا المشقةُ سادَ الناسُ كُلَهم ... الجودُ يُفقِر والإقدامُ قَتَّالُ)- المُتَنَبّي
| موضوع: رد: زيارة إلى عالم البرزخ السبت 28 أبريل 2018, 8:33 pm | |
| سلام الله أديبنا الأستاذ السيّد فَلاح، تقديرنا العميق لِما قَرَأنا من قِصَّة محبوكة بأسلوبكم الجميل المعهود؛ قِصَّة تَشُدّ القارِئ من بدايَتها، ثُم يرى القارِئ المعاني العميقة لامِساً معنى التَّجْرِبَة والصُّمود والفَشَل. لكن رَحمة الله تعالى المُتَمَثِّلَة بزوال المجاعة كانت فُرْصَة أخرى ورحمة للأب والأم المُنْشَغِلَين بمصير أبنائهما حَتَّى النّهايَة. بوركت أُستاذنا السيّد فلاح ودام عطاؤك الفريد. إحتِرامنا الجَمّ. | |
|