- رشيد كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده سيدنا و حبيبنا و إمامنا و قدوتنا محمد صلى الله عليه و سلم و على آله الطاهرين و صحابته أجمعين و على من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
لقد حث الإسلام على فعل الخيرات و مساعدة المحتاجين و حث كذلك على المسارعة إلى تنفيس كرب المكروبين و ذلك بإقراضهم و الصبر عليهم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، و من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا و الآخرة " و في المقابل حرص الإسلام كل الحرص على حفظ حقوق الغير و ذلك من خلال كتابة الدين و الإشهاد عليه ، يقول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) .
من الواجب شرعا أن يسارع المدين إلى سداد دينه في الوقت المعلوم إلا إذا كان هناك عذر شرعي منعه من ذلك كعدم استفاء المال ، ففي هذه الحالة عليه أن يطلب من صاحب الدين مهلة إضافية و على صاحب الدين أن يصبر عليه و لا يضغط عليه مصداقا لقوله تعالى ( و إن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) .
و لكن ما نراه اليوم من المماطلة في سداد الديون ما هو إلا شكل من أشكال أكل أموال الناس بالباطل ، يقول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) . و لو علم المدين خطورة أكل الدين و عدم قضائه مع مقدرته على سداده لسارع إلى سداد دينه دون مماطلة ، قال الرسول عليه الصلاة و السلام : " نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه " ، و قال أيضا : " إن صاحبكم محبوس بباب الجنة بدين عليه ، إن شئتم فأسلموه إلى عذاب الله و إن شئتم ففكوه " ، و قال أيضا : " يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدين " .
الرفق في الطلب من صاحب الدين أو ( الدائن ) مع المدين في طلب سداد دينه
والنصح للمدين ( أن يعجل بسداد دينه قبل أن يأتي حيْنه ) أي موته بلين ورفق
فإن كان ذو عسرة فعلى إخوانه ممن هم أهله وأصدقاؤه ومن عليه عندهم حقوق إنسانية من مجاملة أو إحسان
أو عمل خير بزيارة مريض أو مواساته في قريب له أو ضيافته أن يساعدوه في سداد دينه طالما عرفوا
إلحاح صاحب الدين في طلب دينه .
والكتابة للدين مهما صغر تحفظ حق صاحبه فيه ، فكم كثر في هذا الزمان إنكار المدين
أخذ الدين من دائنه والعياذ بالله ، ورفضه إعطاءه حقه فيرتكب بذلك جريمتين
أكل مال الغير ، والكذب في عدم الاعتراف بالدين
عافنا الله وإياكم من خطورة عدم سداد الدين
ولقد ورد أنه جاء رجل يهودي يطلب دينا له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يستدين من اليهود
ولا يستدين من المسلمين لأنه يعلم أن المسلم يستحيي أن يطلب دينه من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان عمر بن الخطاب حاضرا لطلب اليهودي دينه ، وسمعه يعنف رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجذبه ويقول:
( أنتم يا بنوهاشم قوم مُطْلٌ ) أي تماطلون في سداد ما عليكم ، فأراد الفاروق عمر رضي الله عنه أن يبطش به
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معناه: ( كان عليك أن تنصحني بسداد دينه أو تسترضيه ليصبر حتى أعيده إليه )ولا أذكر نص الحديث الشريف فقد سمعته في إحدى خطب الجمعة بالقاهرة