تطبيق شِعر التّفعيلة

[rtl]وفي تشكيل شِعري آخَر لِسَميح القاسِم في قصيدتهِ (ثورة مغنّى الرّبابة) يقول القاسِم:
 
غَنّيتُ مُرْتجلاً على هذي الربابة ألف عامْ
 
/ْ/ْ/  /ْ///ْ//ْ  /ْ/ْ//ْ  ///ْ//ْ ْ
 
مُذْ أسْرَجَتْ فَرَسَي قُريش
 
/ْ/ْ//ْ  ///ْ  //ْ/
 
وقال قائدنا الهمام
 
//ْ//ْ  ///ْ//ْ ْ
 
اليوم يومكمو! فقوموا واتبَعوني
 
/ْ/ْ//ْ  ///ْ //ْ/ْ  /ْ//ْ/ْ
 
أيها العرب الكِرامْ
 
/ْ//ْ  ///ْ  //ْ ْ
 
اليوم يومكمو
 
/ْ/ْ/  /ْ///ْ
 
وصاحَ إلى الأمام إلى الأمامْ
 
//ْ/  //ْ//ْ  ///ْ//ْ ْ
 
هكذا نرى أنّ القاسِم استخدم ضَرْباً واحداً هو متفاعلان وأنهُ أكثر من التّدوير.
 
وقد أضاف سطراً آخر لا بد من الإتيان على ذِكْرهِ:
 
وَبَنَيْتُ جامِعَةً ومكتَبَةً وَنَسَّقْتُ الحدائق
 
///ْ/  /ْ///ْ  //ْ///ْ  //ْ  /ْ/ْ//ْ/ْ
 
وهنا نرى أنه استخدم ضربا آخر على قصيدته ويدعى بالضّرب المُرفل، وهو مُتْفاعِلاتن، وهو إحد الأضرب المعروفة في الشّعر العامودي.
وواجبنا الآن أن نأتي على ذِكر أضرب (بحر الكامِل) المستخدمة في شعر التفعيلة هي: مُتَفاعِل، مُتْفاعِل، مُتْفا، مُتَفا، مُتَفاعِلان، مُتْفاعِلاتن، مُتفاعلُن- مُتْفاعِلان وغيرها مما ذَكرنا، أضِف إليها تفعيلاتا: فَعِلان وفَعْلان
 
وتعود وفرتها بحسب الدكتور علي العُشَيري إلى كَون وِحدة الإيقاع متفاعلن من أوفر وحدات الإيقاع ملامح إذ تتكون من ثلاثة مقاطِع قصيرة ومقطعين متوَسّطين بالإضافة إلى قِلّة ما يعْرض لها من زحافات.
 
يكمن الفرق بين الشعر العامودي والشعر الحُر أنّه في العامودي يدعى السطر فيه بيتاً، يَتَكَوّن من الصَّدر والعجز. أما الشطر والعجز فيكون فيه عدد التفعيلان أربع كأقصى حَد؛ فإذا تَضَمّن الشطر أربع تفعيلات، يجب أن يكون العجز كذلك، أما عددها فأمر مُسَلّم به من قِبَل واضِعي عِلم العروض.
تُدعى التفعيلة الأخيرة في البيت العمودي، " العَروض"، كما تُدعى الأخيرة في العجز الضَّرب. يكون الضَّرب في كل أبيات القصيدة واحداً، أي لا يمكن إدخال تفعيلة أخرى بشكل آخر مهما قَرر الشاعِر إضافة عدد الأبيات وإليكم.
تُدعى التفعيلتان أو الثلاث السابِقة لتفعيلة العروض والضرب بالحَشو. وإليكم مِثالاً على ذلك:
 
وَمن لا يُريدُ صُعود الجِبال     يَعِش أبَد الدَّهْرِ بينَ الحُفَر
 
فعولن فَعولُ فَعولن فعولَن    فَعول فعولن فعولَن فَعو
 
نلاحِظ أن هذا البيت، الذي جاء على بحر المُتدارَك، قَد طَرأت عليه تَغييرات على بعض تفعيلاته الأصلية التي هي فعولن
فصارت فعولن "فعول". هذا البحر في الشعر العامودي يتكَوّن كما رأينا من أربع تفعيلات في الصدر، وأربع في العجز.
يُسَمى التغيير في الحشو زحافاً. هذه التغييرات هي الأكثر استخداما عند كل الشعراء والعروضيين لموسيقاها السماعية، أما خلاف ذلك يُعَد اسثقالاً وغير مرغوب.
 
وكما ذَكرنا سابِقاً، التفعيلة الأخيرة جاءَت فعولَن، أمّا تفعيلة الضّرب فجاءت عِلّة وهي فَعو. أما سبب تسميتها عِلّة فِلأن التغيير الطارِئ على تفعيلة الضّرب المحدد مكانها آخر العجز يجب أن تبقى كما هي دون تغيير إذا ما رأى الشاعِر بدْء شِعره عليها؛ إذا تأتي سائر الأبيات التالية كتفعيلة "فعو" مهما أضاف الشاعِر أبياتاً.
 
لكن لنعد إلى موضوعنا وهو شِعر التفعيلة: في شعر التفعيلة تستخدم نفس التفعيلات ونظامها العروضي الموسيقي التي في العمودي، فتصبح إذا ما شاء الشاعِر فعولن فَعول، أما الضرب الذي يأتي في نهاية السّطر فيمكن تغييره في كل سَطر كما رأينا سابِقاً. وبالطبع، لا وجود لتفعيلة "العروض" في الشعر الحُر، بل تفعيلة الضرب يسبقها الحشو، حيث تُكَرر (تفعيلات البحر الشعري المعين) بِحَسب رَغبة الشّاعِر.
 
2. بحر الهَزَج في شِعر التَفعيلة:
يَتبَع... [/rtl]

[rtl] بحر الهَزَج في شِعر التَفعيلة:
 
 
يشترك بحر الهزج والوافِر بتفعيلة (مُفاعلَتن) حُكْماً وهي المعصوبة المُنْقَلِبة إلى مفاعِلْتُن أي مفاعيلن وهي تفعيلة بحر الهزج. وللحُكم على الوزن؛ أي تحديد البحر الشعري، يَكفي على الشاعِر استخدام تفعيلة (مفاعِلَتن)، مَرّة واحِدة في القصيدة، لتكون على الوافِر حيث تُعتبر كذلك حُكْماً. لكن الشعراء ما استطاعوا التخلّي عن هذه التفعيلة، مما جعل بحور شِعرهم تِلقائيّاً على الوافِر؛ لاكتمال معاني قصائدهم أي تخفيف القيد عن الكلمة لتتماشى وسياق معاني قصائدهم.
وسنضرب مَثلاً في شِعر البياتي قصيدته (الرَّجُل الذي كان يُغَنّي) التي قال فيها:
على أبوابِ طَهْران رأيناهُ
رأيناهُ
يُغَنّي ---
عُمَر الخَيّام، يأخت، ظَننّاهُ
على جَبْهَتهِ جُرْح عَميق، فاغِرٌ فاه
يُغَنّي، أحمر العينين ---
كالفَجْرِ بيُمناه
رَغيف ---
مُصحَف ---
قُنْبُلَة، كانت بيمناه
يُغَنّي عُمر الخيّام، يا أخت
حُقول الزّيت والله
يُغَنّي طفلهُ المَصلوب في مزرعة الشّاه
وكان الموت أوّاه
على مَقْرُبةٍ منهُ على أطْرافِ دُنْياه
ونادانا وناداه
صياح الدّيك، أخْتاه!
وخَلّفْناه في الساحة، لا تطْرف عيناه
وداعاً ---
قالَها واخْتَفَت في فَمِهِ الآه
(وداعاً لك يا طهران ---
يا صاحِبة الجاه
وداعاً لك يا بيتي
وداعاً لك يا أمّاه)
وَدَوّت طلقة واختنقَتْ في فَمِهِ الآه.
لقد عمد الشاعِر إلى التدوير في الأسْطر المشار إليها بخطوط. واسْتَخدم التفعيلة الصحيحة 39 مرّة واستخدمها مكفوفة (مفاعيل) 20 مَرّة أي أنه استخدم الصّحيحة ضِعْفَي استخدامه المكفوفة تقريباً.
أما عن الأضرُب- حيث القافية، فقد استُخدِمت من شعراء التفعيلة كما العمودي وهي : مفاعيلُن، مفاعي أو فعولن، وأضافوا إليها مفاعِلُنم ومفاعيلْ، ومفاعيلان.
ملاحظة هامّة: في الحشو، أي ما قبل تفعيلة الضرب، يستخدم الشعراء عادة زحاف تفعيلة (مفاعيلُ) لوقع موسيقاها الجميل على الأذن، أما خلاف ذلك كزحاف فَيُعَد مستقْبَحاً.[/rtl]
[rtl]كما أوَدّ التّنويه، إلى أن كلمة "حَشو" المسْتَخدمة، تَخصّ الشعْر العمودي، أي الذي بُنِيَ عليه عِلم العروض، ، وكما كُنّا قَد أورَدنا، أن المقصود فيها التفعيلات المتعارَف عليها الواقِعة قَبل تَفْعيلَة الضَّرب، في العجز، وقبل تفعيلة العَروض في الصّدر. وبالتّالي تقع قبل القافية أو تفعيلة الضرب في شِعْر التفعيلة، أو الشِّعر الحُر، وبالتالي ثَمة أمر مُشْتَرَك في كِلا الشِّعرَين.[/rtl]
[rtl]
 
الرّجْز في شِعر التفعيلة:
يتبَع...
 [/rtl]

جزاك الله خيرا

[rtl]الرّجز في شِعر التّفعيلة
 
في الشعر العمودي، يأتي الرّجز تامّاً ومجزوءاً ومشطوراً ومنهوكاً، كما أنه يمكن أن يختار الشاعر ضرباً من عدة عدة أضرب فيبني قافيته على تفعيلة الضرب المختارة نفسها بقية أبيات شِعره، ما شاء له زيادة في الأبيات.
وبما أننا نتحدث عن شِعر التفعيلة، وتنويع الأضرُب في قصيدة واحدة، يجب أن نأتي على ذِكر الأضرب المستخدمة في بحر الرجز في الشعر الحر وهي:
مُستَفْعَلن، مُسْتَفْعِل، فعولَن، مُتَفْعِلُن، مُتَعِلُنْ، وقد أضافَ المُحدّثون إليه أضرباً أخرى مثل: فَعْ، فَعْلُ، فَعُلْ، فَعْلُنْ، فعولُ، مفعولُ، كما أضافوا في وقت لاحق: مسْتَفْعلان، مُتَفْعلان، مُسْتَعِلان، مُتَعِلان.
قال نزار قَباني (ديوانه: الأعمال الكامِلة 1/308)
 
لا شَكّ أنتِ طَيّبَة
/ْ /ْ/ /ْ/  /ْ//ْ
بسيطة وطيّبة
//ْ//ْ  //ْ//ْ
 
بساطة الأطفالِ حين يلعبون
//ْ//ْ /ْ/ْ//ْ  //ْ//ْ ْ متفعلان
وأن عينيكِ هما بحيرتا سكون
//ْ//ْ/ْ/  //ْ//ْ//ْ//ْ ْ  فَعولْ
 
وأنتِ يا سيّدتي
//ْ//ْ  /ْ///ْ  مُتَفعَلُنْ
 
من بعد هذا كُلّهُ لستِ امرأة
/ْ/ْ/  /ْ/ْ/ْ//ْ  /ْ/ْ//ْ
 فالأضرب التي أتى بها نزار في هذه الأسطر هي مُتَفْعِلن، مُتَفْعِلُن، مُتَفْعِلان، فَعولْ، مُتْفَعِلُن، مُسْتَفْعَلُنْ
 
وقال يوسف الخال في (البِئر المهجورة): ديوانه دار العودة ص 203
عَفْتُ إبراهيم، جاري العزيز، من زمان
//ْ//ْ  /ْ/ْ//ْ  //ْ//ْ/  /ْ//ْ/ْ  مفاعلاتن
عرَفْتهُ بئراً يفيضُ ماؤها
//ْ//ْ  /ْ/ْ  //ْ/  /ْ//ْ  مُتَفْعَلُنْ
 
وسائر البَشَر
//ْ//ْ  //ْ  فَعَلْ
 
تَمُرُّ لا تشرَب منها، لا ولا
//ْ//ْ  /ْ///ْ/ْ  /ْ//ْ مُسْتَفعَلُنْ
 
تَرْمي بها، تَرْمي بها حَجَرْ
/ْ/ْ//ْ  /ْ/ْ//ْ  //ْ  فَعَلْ
لو كان لي
/ْ/ْ//ْ  مستَفْعَلُن
 
لو كان أن أموت أن أعيش من جديد
 
/ْ/ْ//ْ  //ْ/  /ْ//ْ//ْ  //ْ ْ  فَعولْ
 
أتَبْسطُ السّماء وجهها فلا
//ْ//ْ  //ْ/  /ْ//ْ//ْ  مُتَفْعِلُنْ
 
تمزّقُ العُقْبان في الفلاة
//ْ//ْ  /ْ/ْ//ْ//ْ ْ  فَعول
 
قوافِلُ الضَّحايا
//ْ//ْ//ْ/ْ  فَعولُنْ
 
وقد اسْتَخدَم الشاعِر الأضرُب الآتية على التوالي: مفاعِلاتن، مُتَفْعَلُنْ، فَعَلْ، مُسْتفعَلُن، فَعَل، مستفعَلُن، فعولْ، مُتَفْعَلُن، فعولْ، فعولَنْ
 
مُلاحَظة هامّة: نَرى أنه في بحر الرّجْز كما في بحر الكامِل، يمكن استخدام التفعيلة كزحاف في الضّرب؛ ففي الشعر العمودي يمكن استخدام زَحافان كَضَرْب، مِثل (مُسْتَعِلن)، مُتَفْعِلَنْ، واحدة في كل بيت، كيفما شاء الشاعِر.  ويمكن تنويعه من بيت إلى آخر دون التقيّد بِضَرب معين يبدأه الشاعِر في البيت الأول فيكون مُلْزَماً باستخدامه في باقي أبيات القصيدة مهما طالَت. فله كامِل الحرية.
أما في بحر الكامِل، فيمكن استخدام زحاف مُتْفاعِلن في الضرب في أي بيت شاء؛ على أن يكون التغيير إما متْفاعلن أو متَفاعلن فقط.
لكننا نرى أن المسألة مختلفة في الشعر الحر كما تم تحديد ما يلزم اسْتخدامه، بحسب أخصائيي عِلم العروض.
 
الرّمل في شِعر التَّفعيلة: [/rtl]
[rtl]يَتْبَع...[/rtl]

جزاك الله خيرا

الشرف لي و الله

[rtl]الرّمل في شِعر التَّفْعيلة: إنّ أضْرُب بحر الرَّمل المُتعارَف عليها في الشعر العمودي عبر القرون عند كافّة الشعراء هي: فاعِلاتن، فاعِلُن، فاعِلان، فاعِلاتان، فَعِلات. وقد استخدمها شعراء التفعيلة- (الشّعْر الحديث) نْسْبِيّاً، مُضيفين إليها ضَرباً واحِداً هو (فاعِل). وكما ذَكرنا سابِقاً، أنه في الشّعر العمودي، تستخدم تفعيلة ضرب واحدة، تُعَد الأكثر موسيقية بالنسبة للهيكل الشعري المعهود المُكوَّن من صَدر وعجز، إذ يُكوّنان البيت الشّعريّ.
كما أن تلك التفعيلة محددة مسبقاً وما سواها يعد أقل استعمالاً من مستقبحاً. أما في الشعر الحر فيمكن استعمال جميع تفعيلات "الضرب"، بحرية تامة، فالهيكل أو البنية الشعرية مختلفة؛ أي لا تتضمن صدراً وعَجْزاً.
ومن ناحية أخرى سنتحدث بالتفصيل أيضاً عن الشعر العمودي في باب آخر.
ففي الرمل تستخدم البحر الرمل تفعيلة فاعلاتن ويمكن إدخال زحاف عليها لتصير فَعلاتن، فتسخدم هاتان التفعيلتان فقط في التفعيلة الضرب كما يشاء الشاعِر، كما وتستخدم في الحشو.
لكن لنعُد إلى الشعر الحُر وأضربه المستخدمة جميعاً في نهاية كُل سَطر شِعري، ولنأخُذ مِثالاً على قصيدة الشاعِر (السّفير) ظافِر الحَسَن:
 
دَقَّتْ السّاعة وانْداحَ النّفير
/ْ//ْ/ْ  ///ْ  /ْ/ْ  // ْ ْ  فاعِلاتن
 
لَمْلَمَ القومُ بقاياهُم وهَمّوا
/ْ//ْ/ْ/  //ْ/ْ/ْ  //ْ/ْ  فاعلاتن
 
لَحْظَةَ التّهجير والموتِ الصّغيرْ
/ْ//ْ/ْ  /ْ//ْ/ْ  /ْ// ْ ْ فاعِلانْ
 
بين أجفانِهِمْ تنمو وتنمو
/ْ//ْ  /ْ//ْ  /ْ/ْ//ْ/ْ  فاعِلاتن
 
إنه وقتُ الرحيل
/ْ//ْ/ْ  /ْ//ْ ْ  فاعِلان
ظُلْمَةُ الليل- يقولون- عَدُوٌّ، فَلْنُرِح قبل الأصيل
/ْ//ْ/ْ/  //ْ/ْ/  //ْ/ْ  /ْ//ْ  /ْ/ْ//ْ ْ فاعِلانْ
 
قبل أن يأتوا وتنْسَدَّ الدّروب
/ْ//ْ/ْ/ْ  //ْ/ْ/ْ  //ْ/ْ  فاعِلاتن
فأضرب هذه الأسطُر هي على التوالي: فاعِلان، فاعِلاتن، فاعِلان، فاعِلاتن، فاعِلان، فاعلان، فاعِلاتن.
 
يقول الأستاذ الأديب الدكتور محمد أحمد القاسِم في كتابه (المرجِع في عِلمَي العروض والقوافي ص. 236:
" وكان بالإمكان جعل الضرب الأخير فاعلان لأنه يُستَحْسَن الوقوف عند ساكن فيكون الضرب الأخير فاعلان."
لكنّي أرى أنّه يجوز الوقوف على ساكن إذا ما اضطر الشاعِر ذلك لإيصال المعنى المُراد في قصيدته وتخفيفاً للقيد العروضي، ولكن بحسب التفعيلة العروضية بحسب نظام الشعر العربي الحر؛ شِعر التفعيلة.
 
ويقول كميل قَيصَر داغِر في قصيدته (مَدّ وَجَزْر):
تَخْتَلِقين المَدّ في نَفْسي والجَزْر
/ْ//ْ/ْ  /ْ//ْ  /ْ//  /ْ/ْ/  ---
 
كما يُخْلَقُ في البحر القَمَر
//ْ/ْ//  /ْ/ْ  /ْ//ْ   فاعِلُن
 
وتَدورينَ بِأنْفاسيَ خَلْفَ الغَيمِ
///ْ/ْ  ///ْ/ْ  ///ْ/ْ/ْ/ ---
 خَلْفَ الرَّعْدِ
/ْ/ْ  /ْ/  ---
في إثرِ المَطَرْ
/ْ/ْ  /ْ//ْ  فاعِلُن
 
فالشاعِر استخدَم الضرب فاعِلن بِكثرة، كما أكثَر من التدوير. وهكذا صَحَّ في هذا البحر ما قالهُ د. علي عَشْري زايد " ففي الرّملِ أصلاً نوع من الانسيابيّة والاسترسال يجعلهُ صالحاً للتعبير عن العواطِف الحادّة غَضباً كانت أم فَرَحاً.
 
مُلاحَظة هامّة: هذه هي أضرب الرّمل التي يستخدمها جميع شعراء التفعيلة الملتزمين عند كتابتهم على بحر الرمل. أما في التفعيلات السابِقة للضرب، فكما ذَكَرْنا، هي فاعِلاتن وفعلاتن، ويسمح عروضِيّو الحُر باستخدامها كأضرب أيضاً (في نهاية السّطر الشِّعري)، كما كانت تستخدم ( مع هاتين التفعيلتين في الشعر العامودي).
 
يتبَع... [/rtl]

 
 

[rtl]المُتدارك في شِعْرِ التَّفْعيلة:
المتدارَك مُسْتخَدم بِكَثْرة في شِعر التفعيلة.، يُسَمّى الخَبب إذا جاءَت تفعيلاتهُ مخبونة (فَعِلُن)؛ أي أنه إذا استخدم الشّاعِر تَفْعيلة فَعِلُن، صار لزاماً عليه إذا ما اضّطرّ إدخال زحافاً عليه أن يقلب التفعيلة المراد تغييرها إلى فَعْلُن.فتصير أبيات قصيدته فعَلِن، وفَعْلُن إذا أحب إدخال زَحّاف عليه، حَتّى أنه أجازَ العروضيّون استخام الزحاف هذا في الضّرب كما في الحَشو حسب إرادة الشّاعِر. فتتلازم التفعيلة المذكورة أعلاه مع زحافها المذكور أعلاه طيلة القَصيدة.
أما إذا اختار تفعيلة فاعِلن فيأتي زَحّافها فَعْلُن فيتلازما معاً طيلة القصيدة؛ إي فاعِلن مع فَعْلُن فقط؛ وذلك لسلاسة التناغم الموسيقيّ.
هذا في الشّعْر العمودي. أما في الشّعر الحُرّ، ففيما يخص المتدارك نأتيكم، يجوز بكل بساطة إدخال زحّافَيّ فعْلُن وفَعِلن مع فاعِلُ وإليكم أمثلة:
 
يقول الشّاعِر كمال نَشأتْ:
أحْلى أوقاتِ العُمْر
/ْ/ْ  /ْ/ْ  /ْ/ْ ْ  فَعْلان
 
أن تَتَجَوّل في طرقات المُدن المجهولة
/ْ//    /ْ//ْ     /ْ//     /ْ/ْ      ///ْ     /ْ/ْ     /ْ  ---
فاعِلُ  فاعِلُ  فاعِلُ   فَعْلُنْ   فَعِلُنْ   فَعْلُن
 
أنْ نَسْمَعَ لُغَةً مجهولةْ
/ْ   /ْ//    ///ْ     /ْ/ْ      /ْ   ---
    فاعِلْ  فَعِلُنْ   فَعْلُنْ
وَنُصافِحُ  أيدي الغُرباء
//      /ْ//     /ْ/ْ     ///ْ ْ
فاعِلُ   فاعِلُ  فَعْلُنْ   فَعِلانْ
فالشّاعِر استخدم في الحشو: فَعْلُن، فاعِلُ، فَعِلُنْ،  واستخدم في الضرب فَعْلان، وفَعِلان وهي (أضرب المتدارك).
 
وقال أدونيس:
يَجْهَلُ أن يَتَكَلّم هذا الكلام
/ْ//   /ْ//     /ْ//       /ْ/ْ     //ْ/ْ
فاعِلُ فاعِلُ   فاعِلُ  فاعِلْ    فعولنْ
 
ويَجهَل صوتَ البراي
//ْ/  //ْ/ْ   //ْ/ْ
فعولُ  فعولُنْ  فعولُنْ
 
إنهُ مُثْقَ باللغاتِ البعيدة
/ْ//ْ   /ْ//ْ  /ْ//ْ  /ْ//ْ  /ْ
فاعِلْ  فاعِلُنْ  فاعِلُنْ  فاعِلُنْ  فَعْ
 
فأكَثَر تفعيلات الحشو على فاعِلن واستخدم فيه فاعِلُ بكَثرة أيضاً كما استخدم فعولُ وفعولُن وفَعْلُن
 
أما في الضرب فاستخدم فعولن مَرّتين متتاليتين مرّة كَحشو ومَرّة كَضَرْب، واستخدم فَعْ كضرب أيضاً هو مستخدم كثيراً في "شعر التفعيلة". وكلا الضّربين مستخدمان في شِعر التفعيلة بِكَثْرة. لكن، نرى أنّ الشاعِر الكبير أدونيس خلط بين بحين وهما المتدارَك والمتقارب بإدخاله تفعيلتي فعول وفعولن، فهل هذا يجوز؟ يرى خبراء العروض أنه لا يجوز الخَلط وذلك للنشاز الموسيقي الذي سيطرأ على القصيدة. ومن الجَليّ، أنه بالرغم من جمال قصائد الشاعِر الكبير أدونيس ومعانيها الراقية، إلا أنه لم يتقيد كثيراً بنظام شِعر التفعيلة، ومن رأينا هو خير دليل على أن الشعر يأخذ مكانه الشعري بشكل تام بالرغم من عدم الإلتزام العروضي، الذي يضيف ويُضْفي بدوره رونقاً وربما سِحراً آخر إذا جاز التعبير، على قصائد الشّعراء. لكنّا نقول أيضاً، لكل عَصْرٍ حُكمه في الشعر، وهو في تطوّر مُسْتَمِرّ.
 
ولنأتي على تشكيلة أخرى للشاعِر رَشيد درباس في قصيدته (عيناكِ الشّطّ الإفريقي: ها إنّي أرْتَعُ بالجِلْبابِ
/ْ/ْ/ْ   /ْ//  /ْ/ْ/ْ/ْ  ---
 
أجوبُ شوارِع قاهِرَتي
//ْ    ///ْ    ///ْ     ///ْ
عَلُنْ  فَعِلُنْ  فَعِلُنْ   فَعِلُنْ
 
يا قاهِرَتي
/ْ/ْ//ْ
فَعلُنْ
 
من جُرْحٍ خَضّبَ ذاكِرَتي
/ْ/ْ/ْ   /ْ//   /ْ///ْ  فعِلُن
 
شاهَدتُّ الكامِلَ يُنْقِصُ حَقّ صلاح الدّين
/ْ/ْ/ْ/ْ//  /ْ//  /ْ///ْ/ْ/ ْ ْ فَعْلان
 
وَيُبَدّدُ مَجْداً في حِطّين
///ْ//   /ْ/ْ  /ْ/ْ/ْ ْ  فَعْلان
 
مَلكٌ ما قَدَّسَ سِرَ الطّين
///ْ  /ْ/ْ//  /ْ/ْ/ْ ْ  فعْلان
 
فتفعيلات الحشو هي: فَعْلُن، فَعِلُنْ، فاعِلُنْ
وتفعيلات الضّرْب: فَعِلُنْ وفَعْلان
أما محمود درويش فيقول في قصيدته أنا آتٍ (ديوانهُ، دار العودة 1/511)
ما الذي يجعَل الكلمات عرايا
/ْ//ْ  /ْ//ْ  ///ْ///ْ/ْ  فَعِلاتن
 
ما الذي يجعل الرّيحَ شوكاً والليالي مرايا؟
/ْ//ْ  /ْ//ْ  /ْ//ْ/ْ   //ْ/ْ  //ْ/ْ//ْ/ْ  فاعِلاتن
 
فتفعيلات الحشو في السطرين هي:  فاعلن وَفَعِلن
أما الضرب فهو: فعلاتن  وفاعلاتن. وهذان الضربان نادِران في القصيدة العموديّة وإن كانا غير شاذّين.
 
ويقول الشاعِر عبد الفَتّاح عَكاري في قصيدته البُعْد الخامِس:
يزرعنا الموت ويحصدنا
/ْ//  /ْ/ْ/      ///ْ    ///ْ
فاعِلُ فَعْلُنْ  فَعِلُنْ فَعِلُنْ
 
كَهَشيمٍ في نَعْشٍ محْمولْ
///ْ/ْ  /ْ  /ْ/ْ  /ْ/ْ ْ  فعِلانْ
 
يجْمعُنا ثُمّ يُبَدّدنا
/ْ///ْ  /ْ/  //ْ///ْ  فَعِلُنْ
 
بِرفيف جناحَيهِ الأخْرَس
///ْ/  //ْ/ْ/  ْ/ْ/ْ   فَعْلُنْ
وعلى شاطِئ بَحْرٍ مجهولْ
///ْ  /ْ//  /ْ/ْ  /ْ/ ْ ْ  فَعْلانْ
 
فتفعيلات الحشو هي: فاعِل، فَعْلُنْ، فَعِلُنْ
وتفعيلات الضَّرْب: فَعِلُنْ، فَعْلان، فَعْلُن
 
وهكذا نكون قد أوردنا الأبحُر "الصالحة لِشعر التّفعيلة"، وقد أضاف العَروضيون إليها بَحْرَي الوافِر والسَّريع اللذان سنأتي على شرحِهِما:
 
يتبع...
 
 
 
 
 
 
    
 
 
 
[/rtl]

[rtl]الوافِر في شِعْرِ التَّفْعيلة:[/rtl]
[rtl]يُعَد بحر الوافِ من الأبحُر الصافِيَة بحسب مُخْتَصّي عِلم العروض، لأن تفعيلاته في الأساس تفعيلة واحِدة (مُفاعِلَتُن) تتكرر ثلاث مَرّات في الصدر ومِثْلها في العَجْز. والواقِع أن شِعر الوافِر لم يَرِد صحيحاً في الشعر العَمودي، أي لم تأت تفعيلاته كُلها (مفاعِلَتُن) فصارت تفعيلة عروضه أي التفعيلة الأخيرة الواردة في العجز فعولن، وكذلك الضرب صارت فعولن لا تتغير مهما كَثُرت الأبيات. لِذا، يقول الشاعِر محمد أحمد قاسِم: "نرى أنه ما يبَرّر استخدامه في (الشعر الحُر) في نَظَرنا كونهُ يأتي مجزوءاً وفي هذه الحال تُحْذَف فعولن وتبقى تفعيلة واحِدة تتكرر مَرّتين في الصدر ومثلها في العجز"
وهذه التفعيلة الواحدة يُحَبّذ استخدامها في الشعر الحُر للتناغُم الفريد الذي يقدمهُ هذا النوع من الشّعْر.  وبهذا يصبح الوافِر من الأبحُر الصافية لا الممتَزَجة. وقد ورَدت تفعيلات هذا البحر حشواً وضَرْباً على وَجهَين بشكل عام هما مُفاعِلتن، وزحافها مفاعِلْتُن. مِثال ذلك قول محمود درويش في قصيدة (أُهديها غَزالاً: ديوانهُ. دار العودة 1/163).
وشاح المغْرِبُ الوَرْدِيّ فوقَ ضفائر الحُلْوه
وَحَبَّةُ بُرْتقالٍ كانت الشّمس
تحاوِلُ كَفّها البيضاء أن تصطادها عُنْوه
وتَصْرُخْ بي، وكل صراخها هَمْس:
أخي! يا سُلَّمي العالي
أريدُ الشَّمس بالقوّة
...  وفي ليل رمادي رأيتُ الكوكَبَ الفِضّي
ينقط ضوءَه العسلي فوق نوافِذ البيت
وقالت، وهي حين تقول، تدفعني إلى الصَّمْت
تعالَ غداً لِنَزْرَعهُ... مكان الشوكِ في الأرْض.
لقد ورَدَتْ تفعيلة مفاعَلْتُن 22 مَرّة في هذه الأسْطُر في حين وردتْ مفاعلَتَن 12 مَرّة فقط. وقد أضافَ شُعراء التفعيلة حرْفاً ساكِناً على كُل من هاتين التفعيلَتين لتصبِحا مُفاعَلَتان، مَفاعَلْتان كتَفْعِيلتين يقعا كَضرب.
ومن أمْثِلة ذلك:
وكان لِقاءْ
//ْ/  //ْ ْ  (مُفاعَلَتان)
 
غَريبين تلاقيا فَما عادَتْ بيَ
//ْ/ْ/         //ْ/ْ/ْ     //ْ/ْ/ْ       //
مَفاعَلْتَ  مفاعَلْتُنْ   مفاعَلْتُن   مف  ---
الذكرى
 ْ/ْ/ْ
اعَلْتُنْ
 
إلى ليلاتكْ المبهورة الأنفاسْ
//ْ/ْ/ْ//ْ  /ْ/ْ//ْ/ْ/ْ ْ
مفاعَلْتَانْ
فالضَّرب في السطر الأوّل: مفاعَلْتان وفي السطر الأخير مفاعَلْتان، وورَدَ في الحَشو مفاعَلْتُ أو مفاعيلُ في السَّطر الثاني
وفي الأساس، بحسبِ العروضيين، يشتركُ الوافِر مع الهزج بتفعيلة مفاعيلن؛ إذ يشتركان في الإيقاع، لكن ما يميز الوافِر هو مفاعلَتُن غير الموجودة في الهزج، فإذا ما رأينا تفعيلة مفاعلتن أيقنّا أن البحر هو الوافِر أو اعتُبِرَ كذلك. [/rtl]

[rtl]السّريع في شِعْر التفعيلة:
يتكوّن بحر السّريع في الأصل من تفعيلتين هما: مُسْتَفْعَلُن ومَفْعولات؛ إذا يُطْلق عليح بحر ممتَزَج أو مِرَكّب لأنه يتكوّن من التفعيلتين السابِق ذِكرهما.
وأضربُهُ في القصيدة العمودية، كما نُسِب إليه في الأصل هي: فاعِلات، فاعِلن، فَعْلُن، فَعِلُن، مفعولان، مفعولن، وقد أضاف شُعراء التفعيلة إلى هذه الأضرب أضْرَباً جديدة مِنها: مَفْعُلات، مَفْعولات، مفعولا، مَفْعَلا، فعولا، مَفعو، فعول، فَعْلان، مفعول، فَعْل...
من أمْثِلتهِ قول محمود درويش في قصيدتهِ سَفَر: (ديوانه 1/570)
لم يعرفوني في الظلال التي
/ْ/ْ//ْ/ْ  /ْ//ْ/ْ//ْ  فاعِلُنْ
 
تَمْتَصُّ لَوني في جواز السَّفَر
/ْ/ْ//ْ  /ْ/ْ  //ْ/ْ//ْ  فاعِلُنْ
 
وكان جرحي عندهُم معرضاً
//ْ//ْ  /ْ/ْ//ْ  /ْ//ْ  فاعلن
 
لِسائحٍ يعشَقُ جَمعَ الصور
//ْ//ْ  /ْ//  /ْ/ْ  //ْ  فاعلن
 
لم يعْرِفوني، آه... لا تتركي
/ْ/ْ//ْ/ْ  /ْ/  /ْ/ْ//ْ  فاعلن
 
كُفّي بلا شَمس
/ْ/ْ//ْ  /ْ/ْ
 
لأن الشجر
//ْ/ْ  //ْ  فاعلن
 
يعرفني
/ْ///ْ
 
تعْرفني كُل أغاني المطر
/ْ///ْ  /ْ///ْ  /ْ//ْ  فاعِلن
 
لا تتركيني شاحِباً كالقَمَر
/ْ/ْ  //ْ/ْ   /ْ//ْ   /ْ//ْ  فاعِلُنْ
 
من جبهَتي ينشَقّ سيف الضياءْ
/ْ/ْ//ْ  /ْ/ْ/   /ْ/ْ  //ْ ْ  فاعِلانْ
 
ومن يَدي ينبع ماء النهر
//ْ//ْ  /ْ///ْ/ْ//ْ  فاعِلن
 
فالأضرُب التي استخدمها درويش في هذه الأسطر هي على التوالي: فاعِلن الذي تكرّر تسع مرّات، مُسْتَعِلُن مَرّة واحِدة، وفاعِلانْ مَرّة واحِدة.
 [/rtl]
[rtl]ملاحظة هامّة: في حشو السريع تستخدم زحافات مُتَفْعِلُن، مُسْتَعِلُن.
 
 
 [/rtl]

الأخ الأديب الأستاذ يوسف قبلان سلامة
العروض الشعري في فن القصيدة العربية دراسة لأوزان الأبيات والبحور بما تشمله من تفعيلات وتورده من زحاف وروى وقوافي
ومسموحات تقبل في الضرورات الشعرية من الأدباء كتسكين المرفوع أو المنصوب أو المجرور في البيت الشعري داخل القصيدة أو في قافيتها. أما صناعة الشعر في القصيدة المحافظة في المدارس الأدبية لهذا الفن فهي مهازة وموهبة تأتي بالعمران والاطلاع على التراث العربي للشعاراء الذين أجادوا فيها في دواوين قصائدهم المشهورة في تاريخ القصيدة وتطورها ويصقلون هذه الموهبة بمعرفة البحور الشعرية التي تفضلت وأجليت شرحها وتفاصيلها في موضوعك الرائع فجزاك الله خيرا

[rtl]المَزْجُ بين الأبْحُر:
بَقِيَ أن نُشير إلى جانب المَزْج بين الأبحر، الذي خاض غمارهُ شعراء كبار بغية تمهيد الطريق إلى سَبر غور هذا الفَن الباهِر الذي يرتقي بِنفس الشاعِر والمستَمِع أو القارِئ إلى أعلى مراتبها فيحُض النفس على عمل الأفضل بِفكر أحْسَن.
أقول بأنه جاء المزج حتى في القصيدة القديمة
 كتجْرِبَة لا كقاعِدة البَتّة، فَمِنْهُم من كتب مازجاً بشكل مزاجي فقط، وآخرون مزجوا بين التفعيلات بِشَكل مَدْروس؛ فجاء محاوَلة، و مزج آخَرون لِيُشْعِروا القارِئ بالنقلة الشّعورية أو "المَعْنَوِيّة". وقد مزج آخرون بِهدَف تعدد الأصوات في الشّعْر المَسْرَحِي عموماً؛ لكن الأمر لم يأتِ على أساس قاعِدة كما ذَكَرْنا. إذ بحسب خبراء العروض يُفَضّل الكتابة على الأبحر الوارد ذِكرها سابِقاً.
مِثال:
قال الشاعِر الكبير عَبد الفَتّاح عَكّاري:
أيها الأرْخبيل
جسدي واحة ويداكَ نَخيل..
وأنا لَحظةُ المُسْتحيل
                           (المتدارَك)
سيّد الوقت أنا، والوقت سيفٌ من دُخان
غِمْدُهُ الرّيح، وصوتي الصولجان..
وأنا الأرض التي ماتت، وعاشَت، من زمان..
فلماذا تذهَبُ الرّيح، وتبقى الورَقة
والرّؤى المُحْتَرِقة
                     (الرّمل)
 
وأسمَعُ صوتكِ جرساً خَفِيّاً، وترجيعُ ناي
وألمَحُ طَيفكِ ينْأى بعيداً، وَيُغْري خُطايْ
فيمْتَدُّ قلبي إليك حنيناً، وتهفو يدايْ
يُعَذّبني الشّوق... تعصِف بالروح حَيرهْ
وأبْقى وحيداً كَنيلوفَرٍ في بُحَيرَهْ
                            (المتقارَب)
 
أيها الجدوَلُ
إنتظر.. سوفَ أرْحَل
        ( المتدارَك)
صَوبَ دنيا بلا حدودْ
ووجود خَلفَ الوجودْ
لا أرى النّهْر يحفَلُ
لا وَلا الماء ينبِسُ
    (مجزوء الخفيف)
 
على الرغم من جمال الشعر الرّاقي، إلا أنه يقول بعض خبراء العروض، أنه على الرغم من عودة الشاعر الكبير عكاري إلى التفعيلة الأولى أي  (المتدارك) قبل نهاية قصيدته، إلى أنه لم يأتلِفْ فيها "النَّغَم" فبحر المتقارَب لا توجد فيه تفعيلة مشتركة وبحر المتدارك، فهما بعيدان عن بعضهِما بعْضٍ. بيد أن تفعيلَتَي  فَعِلُن و فَعِلان مشتركتنان بين بحْرَي المتقارَب والمتدارك، مما يُعَزز التناغمية "الموسيقية في شِعره" بالرغم من الخلل الموسيقي الذي أدخله الشاعِر. ويمكن للشاعِر معرفة البحر من خلال التفعيلة المُمَيّزة للبحر أو الخاصّة به، وإذا عسُر ذلك، بحثوا عن زحافها المانِح للبحر طابعهُ، وفق نظام العَروض. أضِف إلى ذلك أنه لم يطبّق فيه نظريته القائلة بأن كل مقطَع هو إضاءة على زاوية مظلمة من زوايا الحياة والوجود وموقِف الإنسان منهما.
لكّنا نرى أنه الحُكم من خلال قصيدة واحِدة بالرغم من عِلّتها الموسيقية، إذا جاز التعبير، لا ينفي أن شعره يشكو خللاً. فالرسالة والموضوع المُراد إيصالها لَهِيَ كُل شيء.
 خُلاصَةُ القولِ:
بَقيَ أن نَذكُر أنه ليس كل الشعراء مُتَفّقين حول سبب التنويع في التفعيلة، بالرغم من إجماعهم على نظامها الموسيقي الذي وجدَ في البحر العامودي. فبعضهم يرى أن التنويع هو يكتب بهدف تعدد الأصوات في الشعر المَسْرحي عموماً. ورأى د. علي عشري زا في كتابه "النقد الأدبي وقضايا الشكل الموسيقي صفحة 62  "أن القصيدة تتجه إلى البناء الدرامي" ومن مظاهِر هذا الاتجاه أن يستخدم الشاعِر وزنين في قصيدة واحدة للتعبير عن الصراع بين حركتين نفسيّتَين مُخْتَلِفَتين كما في قصيدة "بور سعيد" للشاعِر الكبير بدر شاكِر السيّاب.
وفي ختام هذا الباب، نَوَد الإشارة إلى أنهُ تبقى موسيقى العروض محدودة أمام الإلهام اللامحدود لدى الشاعِر، وشَتّان ما بين أرض وسماء.
إن منطقية العَروض لَتَفْرض نفسها، فما هو متناغم موسيقياً لا يمكن أن يُعَد نشازاً في نفس الوقت، لكن الإلهام يَطْغى بكلماتهِ التي تتخطى كل حدود، وفيها كل جمال. أما العَروض فهو كالزّينة من الجسَد، وليس الجسد للزينة، والجسد المحتشِم بتقوى الله واللباس هو أفضل من الزّينة إذا كان مُكَلّلاً بروح طاهِرة جميلة، إذ لا تحتاج زينة بعد.[/rtl]
[rtl]أكْتُبُ هذا سائلاً المولى عَزّ وَجَلّ بحرارة في كُل حين أن يعود موضوعي هذا بالفائدة على جميع الراغِبين في الكتابة على بحر التفعيلة، وأن يكونوا قد وَجدوا ضالتهُم المَنْشودة في هذا المَجال، وسنتحدّث عن الشعر العمودي في باب آخر مُفَصّلين فيه كُل ما يُنْشده الشاعِر والدارِس وحتّى المُعَلّم على حَد سواء عَله يستريح من البحث المُضني.[/rtl]
[rtl]سلام وإلى القاء قريباً.[/rtl]
[rtl]أخوكم،[/rtl]
[rtl]يوسف قبلان سلامة
 [/rtl]