( 12 )
الإمامُ عليُ بن أبي طالب يتحدَّث عن أخلاق رسولِ الله ( صلى الله عليه وآله )
قال الإمام الحسين بن علي ( عليه السلام ) سألتُ أبي عن . . . رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
132. كان دخولُه في نفسه مأذوناً في ذلك .
133. فإذا آوى إلى منزله جَزّأ دُخولَه ثلاثة أجزاءٍ جزءاً لله ، وجزءاً لأهله وجزءاً لنفسه ثم جزّأ جزءه بينه وبين الناس فيردُّ ذلك بالخاصَّة على العامة ،
ولا يَدخّر عنهم منه شيئاً
134. وكان من سيرته في جزء الاُمة إيثار أهل الفضل بأدبه ، وقسّمه على قَدَر فضلهم في الدين ، فمنهم : ذو الحاجة ومنهم ذوالحاجتين ، ومنهم
ذوالحوائج ، فيتشاغل بهم ، ويشغَلهم فيما أصلَحَهم ، والاُمةَ ، مِن مسألته عنهم ، وباخبارهم بالذي ينبغي ، ويقول : ليبلّغِ الشاهدُ منكم الغائبَ وابلغوني حاجةَ من لا يقدرُ على
إبلاغ حاجته ، فانه من أبلغ سلطاناً حاجةَ من لا يقدرُ على إبلاغها ثبّت الله قدمَيْه يوم القيامة ، لا يُذكر عنده إلاّ ذلك ، ولا يقبل من أحدٍ غيرَه ، يدخلون رُوّاداً ، ولا يفترقونَ إلاّ
عن ذواق ويخرجون أدلّةً .
135. كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يخزن لسانه إلاّ عمّا كان يعنيه ،
136. ويؤلفهُّم ولا ينفّرهم ،
137. ويُكرمُ كريمَ كلَّ قوم ويوليه عليهم ،
138. ويحذَرُ الناس ويحترسُ منهم من غيرِ أن يطوي عن أحدٍ بِشره ولا خُلُقه .
139. ويتفقَّد أصحابَه ،
140. ويسأل الناسَ عمّا في الناس ،
141. ويحسّنُ الحسنَ ويقوّيه ،
142. ويقبّحُ القبيحَ ويوهنُه ،
143. معتدلَ الأمر غير مختلف فيه ،
144. لايغفَل مخافةَ أن يغفلوا ويميلوا .
145. ولا يقصّرُ عن الحقِ ولا يجوِّزُهُ .
146. الذين يَلُونه من الناسِ خيارُهم .
147. أفضلُهم عنده أعمّهم نصيحةً للمسلمين .
148. وأعظمهُم عنده منزلةً أحسنَهم مواساة وموازرة .
149. كان لا يجلس ولا يقومُ إلاّ على ذكرٍ .
150. لا يوطّن الاماكن وينهى عن إيطانها .
151. وإذا انتهى إلى قوم جَلَسَ حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك .
152. ويعطي كلَّ جلسانه نصيبَه ، ولا يحسب أحدٌ من جلسانه أنَّ أحداً اكرمُ عليه منه .
153. مَن جالسَهُ صابره حتى يكونَ هو المنصرف .
154. مَن سأله حاجة لم يرجع إلاّ بها ، أو ميسورٍ مِنَ القول .
155. قد وسع الناسَ منه خُلُقُهُ فصارَ لهم أباً ، وصاروا عنده في الخَلق سواء .
156. مجلسُه مجلسُ حلمٍ وحياءٍ وصدقٍ وأمانةٍ ، لاتُرفَعُ عليه الأصوات ، ولا تؤبَنُ فيه الحُرَم ، ولا تُثَنى فلتاتُه ، مُتعادلين ، متواصلين فيه بالتقوى ،
متواضعين ، يوقَّرون الكبيرَ ، ويَرحمون الصَّغير ، ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب .
157. كان دائمٌ البشْر .
158. سَهْلَ الخُلُقِ .
159. لَيّنَ الجانب
.
160. ليس بفِظِّ ولا غليظٍ ، ولا ضَحاكٍ ، ولا فحاشٍ ، ولا عَيابٍ ، ولا مَدّاحٍ .
161. يتغافلُ عما لا يشتهي ، فلا يؤيَس منه ، ولا يُخيّبُ فيه مؤمليه .
162. قد ترك نفسَه من ثلاث : المراء ، والاكثار ، ومالايعنيه .
163. وترك الناس من ثلاث : كان لا يذمَ أحداً ولا يعيّره ، ولا يطلب عثراتِه ولا عورته .
164. ولا يتكلم إلاّ فيما رجى ثوابَه .
165. إذا تكلم أطرقَ جُلساؤه كأنَّ على رؤوسهم الطير ، فإذا سكت سكَتوا .
166. ولا يتَنازعون عنده الحديث .
167. من تكلم أنصَتوا له حتى يفرَغ ، حديثهم عنده حديث أوّلهم .
168. يضحكُ ممّا يضحكون منه .
169. ويتعجبُ ممّا يتعجَّبون منه .
170. ويصبرُ للغريب على الجفوة في مسألته ومنطِقِه ، حتى إن كان أصحابه يستجلبونهم ، ويقول : إذا رأيتم طالبَ الحاجة يطلبُها فأرْفِدُوهُ .
171. ولا يقبل الثناء إلاّ مِن مكافيء .
172. ولا يقطعُ على أحدٍ كلامَهُ حتى يجوز فيقطعُه بنهيٍ أو قيامٍ .
173. كان سكوته على أربع : على الحلمِ ، والحذرِ ، والتقدير ، والتفكير .
فأمّا التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس .
وأمّا تفكّرهُ ففيما يبقى ويفنى .
وجمع له الحلم والصبرَ فكان لا يغضبهُ شيء ولا يستفزُّه .
وجمع له الحذرَ في أربع : أخذه بالحَسَن ليقتدى به وتركه القبيح ليُنتهى عنه ، واجتهادُه الرأيَ في صلاح اُمَّتِه ، والقيام فيما جمع له خير الدنيا والآخرة ( معاني الاخبار للصدوق
، مكارم الخلاق للطبرسي ، احياء العلوم للغزالي ، دلائل النبوة لأبي نعيم ) .
وقال عنه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أيضاً
174. كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يأكل على الأرض ،
175. ويجلس جِلسَة العبد ،
176. ويخصفُ بيدِهِ نَعله ،
177. ويرقّع ثوبَه ،
178. ويركبُ الحمارَ العاري ،
179. ويردفُ خلفه
،
180. ويكون الستر على بابه فيكون عليه التصاويرُ فيقول : يا فلانة – لإحدى زوجاته – غيِّبيه عنّي فإني إذا نَظَرْتُ إليه ذكرتُ الدنيا وزخارفها .
فاعرضَ عن الدنيا بقَلبه ، وأمات ذكرَها عن نفسه ، وأحبَّ أن تغيبُ زينتها عن عينيه لكيلا يتخذ منها ريشاً ، ولا يعتقدها قراراً ، ولا يرجو فيها مقاماً ، فاخرجها من النفس
وأشخصها عن القلب وغيّبها عن البصر .
وكذلك من أبغض شيئاً أن ينظر إليه وأن يُذكرَ عنده ( نهج البلاغة ) .
النهاية
سعاده