الإسلام دين يرفع من شأن العلم والعلماء ؛
فالله ربُّ العالمين هو (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) كما ورد في الآية 94 من سورة التوبة ،
وهو سبحانه القائل فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْتَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَاوَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا
وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا
وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَىالْكَاذِبِينَ )آية 61 آل عمران ،
وجعل اولو العلم في الإسلام هم ـ مع الله والملائكة ـ القائمون بالقسط ؛ (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُلَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
آل عمران آية 18
وهم الأكثر خشية لله عندما يكتشفون أسرار الإبداع الإلهي والقدرة في الكون المخلوق لله قال تعالى :
(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) فاطر آية 28
ومن هذا المنطلق العلمي لمنهج الإسلام الحنيف يأتي التحاكم والاحتكام بين الحاكم والرعية وبين الرعية
وبعضهم البعض بالبرهان والدليل والعلم المقنن الواضح قال تعالى في سورة الأنعام آية 143
( ۖ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
وقال أيضا في نفس السورة الآية 148 (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ
إِنْ تَتَّبِعُونَإِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْإِلَّا تَخْرُصُونَ) وفي سورة الأحقاف الآية4
(ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَٰذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
وبهذا العلم يؤسس الإسلام للعدل في الأحكام ويجعله أساس الحكم الصالح في كل المعاملات
والعلاقات الاجتماعية والبشرية
حتى مع من نختلف معهم في الفكر بل ومع من نكره حيث يقول الله تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ
وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚاعْدِلُوا هُوَأَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المائدة آية 8 ،
فالتنوع بين البشر والاختلاف بينهم في الديانات والأفكار والأراء سنة كونية إلهية بين مخلوقات الله ،
يحكمها العدل القائم على العلم والحوار بالحسنى والحجة والبرهان ،
لا بالتخريب والتدمير وإعلاء الصوت الواحد وإقصاء الآخر ،
وإنما بالأفضلية في الاحتكام إلى العلم والعدل والتقوى ، والرضا بما انتهجه الإسلام لفض النزاعات بين الناس
والعودة إلى الوحدة وعمارة الكون ، كما أمر الله تعالى بعد عبادته وتقواه ، في سورة المائدة :
(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْبِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۖ
وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْشَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةًوَاحِدَةً وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ
فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْجَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِتَخْتَلِفُونَ) أية 48
والعجيب أن الناس يقرأون القرآن الكريم ، ويمرون على آياته الحكيمة دون تدبر أو تأمل وعمل بأحكامها ،
وما زال الاختلاف قائما إلى يوم الدين
قال تعالى في سورة هود الآية 118 (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَمُخْتَلِفِينَ)
فلنختلف ولنقل رأينا مستندا إلى علم ومعرفة يقينية ودليل قاطع يحكم بالحجة على الطرف الآخر أن يقبل الرأي الصائب
دون تناحر وسفك دماء لأننا بذلك نرجع إلى عهود الجاهلية الأولى ،
ونتأخر عن أمم تعمل بمباديء الإسلام ولا تدين به فتقدمت وسبقتنا ، بإهمالنا لشرع ربنا وأحكامه وتوجيهاته ،
فلا حول ولا قوة إلا بالله