ثـرثـرة مـن أرشـيف الـذاكـرة

اقتباس :: الحـلقـة الـرابـعـة
لقـد كانـت نـزهـة جميلة بـيـن الحـقـول والـهـواء الــنقـي بعـيـدا عـن المدينة وتـلـوث البـيئة, نستمتع بشروق الشمـس وهي تـرسـل خيـوطهـا الـذهـبيـة وقـطعـان الماشـيه مـن أبقـار وخـراف تـرعـي في الـحـقـول تـزيـد المـنـظـر جـمـالا. لـحظـات وأذ بـنـا نـتـوقـف أمـام قـطــيع من الأبقـار الذي يـمـرح سعـيدا بحياته دون حـسـيـب أو رقـيـب. نـظـرالي ولـيـد ونـظـرت اليـه لـنـهـبـط مـن السـيـاره ونـتـوجـه اليهـن.
صـباح جمـيـل ونسـيم عـليـل حـيـث وقـفـنـا أمـام ذات عــيـون المـهـا وأخـذنـا نـداعـبـهـا ونـتحسـس ضـررهـا الـذي يكـاد يـنـفـجـر.
أخـذت أداعـب ذات الـوجـه السـمـح ألمـس الشـعـر الجـمـيـل وأتـغـزل في جمـالهـا وهـبـط وليـد الى الأرض مـن أجـل أن يـتـذوق الحـليـب الطـازج. مـا أن وضـع رأسـه بـيـن فـخـذيـهـا وألـتـقـط درعـهـا وهـم بـوضـعـه بـين شـفـتـيـه حـتى داعـبــتـه عـلى طـريــقـتـهـا وولـت هـاربـة. صـرخ (ولـك الـعـمـى, ليش هـيك, شـويلكسـرت ضلـوعـي وخـبطط في بـطـني).
لـم أتـمـالك نـفسـي وأخـذت أضحـك على المـنـظـروهـو مـلـقـى عـلى الأرض ويـضحـك أيـضـا, عـلمـا بـأن مـنـزل الـفـلاح لا يـبعـد كـثـيـرا. أخـذت أهـون عـليـه وأداعـبـه: يـظـهـر وقـعـنـا مـع بـنــت عـيـلـة مـحـافـظـة, أكـيـد ليست مـن أصـل أوروبي, مـا رأيـك تطـلبـهـا مـن أباهـا وأكـتـب كـليهـا, لـعـلهـا تتجـاوب مـعـك. أو تـعـال نـجـرب حظـنـا مـع واحـدة أخـرى.
عـدنـا الى السـيـاره وإذ بـواحـدة تـركـت القـطـيـع وأقـتـربـت مـن الرصـيف. نـظـرت الى صـديقـي بـعـد أن وقـفـت جـوارهـا, لـكنـه أبـا خـوفـا مـن الـعـواقـب وأنـا لـم اجـرأ عـلى فـعـل ذلـك وأكتـفـيـت بالمـغـازلـة. أمسـكتهـا مـن أذنـيهـا وسـارت مـعـنـا وهـي تـهـز لـنـا بـرأسـهـا وكـأنـهـا تـقـول: بـعـديـن, شـو أخـرتـهـا مـعـاكـم.
بـضـع خـطـوات كـنـا نـقـف أمـام السـيـارة. فـتحـت البـاب الـجـانـبي وأخـذنـا نـحاول دفعها الـى الـداخـل ولـكـنـهـا أبـت. تـسـلقـت فـوق مـقـعـد الـقـيـاده وأخـذت أداعــبها وأتـغـزل فـي جـمـال عـينيهـا أمـا ولـيـد فـأخـذ يـدفـع بـهـا مـن مـؤخـرتـهـا لـعـلـهـا تـليـن وأنـا قـابـض عـلى أذنـيهـا ولكـن لا حـيـاة لـمـن تـنـادي. ومـع أني جعـلـت منها أجـمل الجميلات ولكنها لم تقتـنع بما سمعـته. لم نـسـتـطـع أدخـالـهـا ومـع ذلـك أخـذنـا نـحـاول ونـعـيـد الـكـرة تـلـو الأخـرى.
كـف وليد عـن الـدفـع وأبتـعـد, ثم قـال( يـكفي لـتـرفـصـنـي وبـعـدين كيف حتـدخل, هي أكبر من السياره). لأقـول لـه: لا تخاف البقـر لا يرفـص, الـحـمـير فقط بـتـرفص, شـو مـا كـنـت عـايش بـيـن الـعـرب, عـلى ضـمـانـتي بـس أدفـش. أخـذ يـدفــعـهـا وأنـا أشـدهـا مـن رقـبـتـهـا وأذنـيـهـا ولـن نـفـلح فـي أقـنـاعـهـا بالصـعـود.
أثنـاء مـحـاولاتـنـا المـستـمـيـتـة وإذ بـثـور ضـخـم يـقــتـرب مـنـا, أخـذ يـنـظـر اليـنـا والـبخـار يـنـبـث مـن أنـفـه وفـمـه ويـضـرب الأرض. قـال ولـيد, ويليـه الثـورخـذ بـالـك ليـهـجـم عـليـنـا, فـقـلت لـه هـاذا بيـهـوش مـثـل زعـمـائـنـا. لـكـن ثـورنـا هـذا أحـمـرت عـيـنـاه وأسـتعـد للـهـجـوم حـيـث دبـت بـه الحـامـيه وهـو يـرى أخـتـطـاف أحـدى حـريـمـه حـتى لـو كـان ضـمـيـرهـم شـفـاف وكـل مـا يـريـدونـه هـو أن يـتـفـسـحـوا مـعـهـا بـسيـارة سـبـور.
لـم يـتـحـمـل الـثـورالأصـيـل وأخـذ يـقـتـرب نـحـونـنـا وضـربـاتـه تعـلـووكـأنـه يـقـول, خـلو سـبـيـلـهـا وإلا سـتـرون مـا لا يـرضـيـكـم.
لـم يـبـقـى أمـامـنـا خـيـار ولـمـاذا نـقـع فـي أشكـال ونـصـرعـلى الـتحـدي ومـاذا لـو جـاء الـفـلاح بـحـاشـيتـه أو أتـصـل بالشـرطـه, وهـل نـقـول بـأن قـصـدنـا شـريف وكـل مـا سعـينا اليـه أن نـتـفـسح مـعهـا ونـلتـقـط بـعـض الصـورالـتـذكـاريه لـندخـل مـوسـوعـة جـينـيس. لـم نـجـد خـيـار أمـامـنـا سـوى الـقـفـز الى الـسياره والأبتـعـاد عـن مـن أراد الحـفاظ على عـرضـه. يـا لـيـت تـدب الـحـامـيـه فـي زعـمـائـنـا مثـل هـذا الحـيوان ويـغـارون عـلى هـتـك الأعـراض وقـتـل الأطـفـال وهـدم الـبـيـوت فـوق رؤوس مـن بـداخـلـهـا والـوقـوف في وجـه الـصـهـايـنـة ولـو لمـرة واحـدة لمـا يـفـعـلوه في شـعـب فـلـسطين ومـقـدسـاتـهـم أو يحافـظـوا على أعـراض الفتيات السوريات بعـد أن أصبحـن عـرضـة للأنتـهاك ويبـعـن في سوق النخـاسة بحجة التزواج.
أدرت الـمـوتـور وأخـذنـا نـنـظـرالـى بـعـضـنـا البـعـض والـضـحـك يـكـاد يـعـلو على صـوت المـوتـورونـتـسـائـل مـا هـذا الــذي فـعـلنـاه وهـل يـعـقـل, ولـم نـجـد تـفسـيـرا. حـمـدنـا الله بـأن لا أحـد رأنـا لآنـه كـان سيطلب البـوليـس وإذا مـا كـان فـأنـه سـوف يسطحـبـنـا الى المستـشفى لـفـحص الدم وعـنـدما لـم يـجـدوا نـقـطـة واحـدة مـن الـكـحـول في دمـائـنـا يـعـلم الله مـاذا كانـوا فـاعـليـن, لعـلهـم أتـهـمـونـا بـالـجـنـون وأدخـلونـا المـصـحـة.
الى اللقـاء في الحلقـة الخامسة
مع تحياتي

جميل جدا.وفقك الله ورعاك.

» ثـرثـرة مـن أرشـيف الـذاكـرة
» ثـرثـرة مـن أرشيف الـذاكـرة